الحرص على العمل بالسنن


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ………………………. أما بعد ،،،

فقد منّ الله علينا بإرسال رسوله محمد صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ) ، وأمر بطاعته في أكثر من ثلاثين موضوعاً . قال الإمام أحمد في رواية الفضل بن زياد: نظرت في المصحف فوجدت طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في ثلاثة وثلاثين موضعاً . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (1/4): وقد ذكر الله طاعة الرسول واتباعه في نحو من أربعين موضعاً من القرآن كقوله تعالى ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ) وقوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً . فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) وقوله تعالى ( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) وقال تعالى ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) فجعل محبة العبد لربه موجبة لاتباع الرسول وجعل متابعة الرسول سببا لمحبة الله عبده وقد قال تعالى ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ) فما أوحاه الله إليه يهدي الله به من يشاء من عباده،

 

كما أنه بذلك هداه الله تعالى كما قال تعالى ( قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ ) وقال تعالى ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )

 

فبمحمد صلى الله عليه وسلم تبين الكفر من الإيمان، والربح من الخسران، والهدي من الضلال والنجاة من الوبال والغي من الرشاد، والزيغ من السداد، وأهل الجنة من أهل النار، والمتقون من الفجار . وإيثار سبيل من أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين من سبيل المغضوب عليهم والضالين .

فالنفوس أحوج إلى معرفة ما جاء به واتباعه منها إلى الطعام والشراب، فإن هذا إذا فات حصل الموت في الدنيا وذاك إذا فات حصل العذاب . فحق على كل أحد بذل جهده واستطاعته في معرفة ما جاء به وطاعته؛ إذ هذا طريق النجاة من العذاب الأليم، والسعادة في دار النعيم . والطريق إلى ذلك الرواية والنقل، إذ لا يكفي من ذلك مجرد العقل، بل كما أن نور العين لا يرى إلا مع ظهور نور قدامه، فكذلك نور العقل لا يهتدي إلا إذا طلعت عليه شمس الرسالة، فلهذا كان تبليغ الدين من أعظم فرائض الإسلام وكان معرفة ما أمر الله به رسوله واجباً على جميع الأنام ا.هـ

وقد ضرب سلفنا أروع الأمثال في متابعة الرسول صلى الله عليه وسلموالحرص على سنته ، ففي الصحيحين عن أنس بن مالك-رضي الله عنه- قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حوالي الصفحة ، فلم أزل أحب الدباء من ذلك اليوم. وأخرج ابن عساكر أن عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما- كان يتبع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثاره وحاله ويهتم به حتى كان قد خيف على عقله من اهتمامه بذلك .

وأخرج في حلية الأولياء عن الإمام إبراهيم النخعي-رحمه الله- قال كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى صلاته وإلى هديه وإلى سمته.

 

ومن حرص السلف على قيامهم بالسنة وقيام الناس بها أنهم ما كانوا في ابتداء البيان يفترضون ما يضعف القيام بالسنة ولا يقولون : هذه سنة لا يأثم تاركها ومكروه لا يأثم فاعله . بل كانوا يكتفون بالبيان ويحرّصون على العمل لئلا تكسل النفس وتكون مقبلة فضلاً عن أن يسموا السنن قشوراً أو الانشغال بها دعوة وعملاً إغراقاً في الجزئيات .

 

قال ابن رجب –رحمه الله- في جامع العلوم والحكم(1/92):وقد سأل رجل ابن عمر عن استلام الحجر فقال له رأيت النبي e يستلمه ويقبله فقال له الرجلأرأيت إن غلبت عنه أرأيت إن زوحمت؟ فقال له ابن عمر: اجعل أرأيت باليمن رأيت رسول الله يستلمه وقبله . خرجه الترمذي. ومراد ابن عمر أن لا يكون لك هم إلا في الاقتداء بالنبي e ولا حاجة إلا فرض العجز عن ذلك أو تعسره قبل وقوعه فإنه يفتر العزم على التصميم عن المتابعة ا.هـ

 

وقد شاهدت في هذا العصر عالمين جليلين كانا من أشد الناس قياماً بالسنة وتحرياً لها في المقال والفعال، وفي الهدي واللباس ، وهما الإمامان عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ومحمد ناصر الدين الألباني – رحمهما الله – وقد رفع الله ذكرهما . وللأسف قد وجد من بعض أهل العلم وطلابه أناس مفرطون في القيام بهدي رسول الله r فمنهم من أسبل ثيابه ومنهم من خفف لحيته حتى أصبحت كلحية الرافضة والأعاجم . قال ابن عابدين في الدر المختار (2/418):وأما الأخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله بعض المغاربة ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد . وأخذ كلها فعل يهود الهند ومجوس الأعاجم ا.هـ

والمفترض على أهل العلم أن يتبعوا علمهم بالعمل وأن يكونوا للهدي أفعل .

فيا أهل الإسلام شبيباً وشباباً رجالاً ونساءً كونوا لرسولكم r متبعين ولهديه مقتفين واجعلوه إمامكم دون أحد سواه ، ولا يوهنكم كثرة المقصرين في اتباعها ، بل استشعروا الغربة وكونوا في تمسككم بالسنة أعزة .

أسأل الله أن يكرمنا ويتفضل علينا باتباع سنته صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً ويميتنا على ذلك وهو راض عنا .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ربيع أول عام 1429هـ


شارك المحتوى:
0