التعقيب والايضاح على رسالة الدكتور جاسم المهلهل لسمو الأمير الشيخ صباح (1)


التعقيب والايضاح على رسالة الدكتور جاسم المهلهل لسمو الأمير الشيخ صباح (1)

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:


فلقد نشر الدكتور جاسم المهلهل الياسين رسالة في جريدة «الوطن» في عددها الصادر يوم الجمعة بتاريخ 17 ذي الحجة 1433هـ الموافق 2012/11/2 وجهّها الى سمو الأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح وفقه الله لكل خير.


ولقد دافع الدكتور جاسم المهلهل من خلال رسالته عن الاخوان المسلمين وعن جمعية الاصلاح في الكويت فوقع- عن قصد أو عن غير قصد- بمغالطات كثيرة، فاستعنت بالله وحده- ولا حول لي ولا قوة الا به- على كتابة هذا التعقيب والايضاح لعل الله ان ينفعني وينفعه وينفع اخواني المسلمين بما أسطّره في هذه المقالات فأقول:


أولاً: لقد طالبت يا دكتور جاسم سمو الأمير الشيخ صباح بأن يستعمل الحكمة وبأن يعفو عن المسيئين وهذا أمر حسن، ولكن فاتك أمران.


الأمر الأول: ان تكون نصيحتك لسمو الأمير سراً فيما بينك وبينه وفي ذلك تطبيقٌ للسُّنَّة من وجه، وادعى لقبول النصيحة من وجه آخر.


الأمر الثاني: العفو لابد ان يكون معه اصلاح والا عدم العفو أولى لقوله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]، فكان الأولى بك ان تقول في نصيحتك سراً يا والدنا العزيز: اذا رأيت ان تعفو عن المسيئين ورأيت في العفو عنهم اصلاحا لهم وللمجتمع فاعف عنهم وتصالح معهم فذلك خير لقوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]، والأمر بعد الله اليكم فانظر ماذا ترى.


ثانياً: وأما قولك يا دكتور جاسم: «أتمنى من سموكم تحقيق رغبة شعبكم المحب لكم وأن تعود الدوائر والأصوات كما هي»…فأقول: يا ليتك تمنيت تطبيق شريعة رب العالمين ونصحت الراعي والرعية بتطبيقها اذ ان تطبيق شرع الله هو الواجب الذي أمر الله تعالى به عباده حكاما ومحكومين وحكم الله تعالى هو الذي يحقق العدالة والسعادة في الدنيا والآخرة.أما الدوائر وكم صوت فهذه رغبة من له مصلحة بذلك خاصة وليست رغبة كل الشعب كما تقول بل وليس من حقك ان تتكلم باسم الشعب جميعاً ولا حتى باسم أكثرهم.


فالشعب منهم من لا يشارك في الانتخابات أصلا لا بصوت ولا بأربعة أصوات ومنهم من رغبته بالصوت الواحد ومنهم من رغبته بصوتين

ومنهم من يرغب بتغيير الدوائر ومنهم من لا يرغب بذلك.


ثالثاً: لا يخفى على أدنى متابع ان رغبة المعارضة ومنهم منتسبو حزب الاخوان المسلمين من مصلحتهم ابقاء الدوائر على ما هي عليه والتصويت بأربعة أصوات حتى يتسنى لهم السيطرة على الحكم فهم من أكثر الطوائف والأحزاب تنظيماً، فنصيحتك يا دكتور جاسم هنا ليست بالضرورة من أجل مصلحة سمو الأمير ولا من أجل مصلحة عموم الشعب الكويتي بقدر ما قد تكون من أجل مصلحة حزب الاخوان المسلمين الساعين الى السيطرة التامة على جميع الدول العربية والاسلامية ولو بالتنسيق مع أمريكا أو الغرب أو مع ايران ايضاً ثم يجعلوننا وأميرنا نهباً لهم.


لذا يا دكتور جاسم ما سمعنا منك كلمة انكار على زميلك الدكتور طارق السويدان الذي صرح قائلاً في مقطع فيديو صوّره وسجله بنفسه لنفسه قال فيه: «من حق الشيعة في البحرين ان يحكموا طالما هم الأغلبية».


أقول: ظاهر جداً بأن الاخوان مع ما يعيشون فيه من نشوة الربيع العربي يسعون جادين للاستيلاء على الحكم في الكويت ولو انكروا ذلك لذا يطالبون برئيس وزراء شعبي منتخب وتهميش دور الأمير في الحكم ليكون دوره رمزياً فقط وهذا ما يسمونه بالدستورية الملكية فدعوتهم كدعوة المعارضة البحرينية تماماً وقد يكون بين الاخوان وطهران تنسيق بحيث تكون البحرين لايران والكويت للاخوان.


لذا من تابع تصريحات الاخوان هنا وهناك وتصريحات المعارضة وجد ذلك واضحاً، فهذا يقول لسمو الأمير: لن نسمح لك، والآخر يقول: ان الأوان للحصول على أخص الحقوق وهو حق الشعب بالمشاركة في الحكم، وآخر يقول: الشيخ جابر المبارك هو آخر رئيس مجلس وزراء من آل الصباح، ناهيك عن تصريحات الاخوان من الخارج كراشد الغنوشي التونسي وأمثاله الذين يصرحون بأن الربيع العربي قادم لدول الخليج عاجلاً أو آجلاً.


يا دكتور جاسم المهلهل لقد أصبح الأمر واضحاً جداً في رغبة حزب الاخوان في السيطرة الكاملة على الحكم في الكويت وغيرها، حتى قال بعض أفراد بل قيادات «حدس» في الكويت: ان حكم الاخوان المسلمين سيكون كالشمس لا كالهلال في الدول العربية والاسلامية!!
رابعاً: يا دكتور جاسم المهلهل اسألك بالله العظيم ما تعقيبك على من يقول الكلام الآتي بالحرف الواحد من غير زيادة ولا نقصان يقول: «في أربعين سنة يتيهون لماذا؟ لأن أربعين سنة سيتغير جيل ويأتي جيل يقود، الأمة اليوم قاعد تشهد هذا، يعني احنا مرَّ علينا أربعين سنة أكثر أقل من بلد الى بلد في جيل كان يقودنا وهو الذي كَبَت الأمة وهو الذي استبد بها وهو الذي عطلها والنتائج كلها تشهد بذلك.مقدرات مصر ومقدرات الأمة ومقدرات الخليج ضيعها هذا الجيل التعبان الذي يحكم، ضيعوها والا كانت هذه الأمة قادرة على ان تقود هل في أمل في اصلاحه؟ وبعد التأمل العميق وجدت الجيل الحالي الذي يحكم بالأمة لا أمل في اصلاحهم هؤلاء لا يستحقوا ان يقودوا هذا جيل تربى في أحضان الاستعمار…. الى ان قال: فلا أمل عندي في هذا الجيل الذي يقود الأمل عندي هو في الجيل القادم الذي سيقود، لذلك جعلت كل همي والذي يتابع أعمالي سيجد هذا بوضوح، كل همي هو نشر فكر ينهض بأمة وفي اعداد جيل سيقود الأمة خلال خمس عشرة، عشرين سنة باذن الله» انتهى كلامه.


أقول يا دكتور جاسم المهلهل أسألك بالله العظيم الذي لا اله الا هو أليس هذا الكلام صريحاً في بيان رغبتكم في اسقاط الحكم في الخليج واستبداله بحكم وحكام جدد؟


اعلم جيداً بأنك لن تجيب عن سؤالي لاسيما اذا علمت بأن هذا كلام زميلك ورفيق دربك في حزب الاخوان وتربية جمعية الاصلاح الدكتور طارق السويدان، فان كنت تدري فتلك مصيبة وان كنت لا تدري فالمصيبة أعظم.


وأقسم بالله العظيم يا دكتور جاسم بأني قلت لمسؤول في وزارة الأوقاف وهو أحد أتباعكم وتعرفه جيداً قلت له: اعرف أنك من «حدس» وأنكم تخططون للسيطرة على البلاد، فردَّ علي قائلاً: نعم أنا من حدس وأفتخر وسنأخذ الحكم في البلاد بالقانون!!


أقول: فماذا بعد هذا يا دكتور جاسم يا أمين عام «حدس» الحركة الدستورية الاسلامية؟!


خامساً: يا دكتور جاسم المهلهل لقد طالبت سمو الأمير بالعفو وهذا حسن ولا أتدخل في شأن سمو الأمير بأن يعفو أو لا يعفو، ولكن أقول لك يا دكتور ان من عادة الذي يطلب العفو ان يقدم الاعتذار ويتأسف ويظهر الندم ويعترف بخطئه لعله يظفر بالعفو أليس كذلك؟
أما من يهدد ويتوعد ويحضر لتكرار الخطأ بل ويريد اشعال الفتنة ومصرٌ على ذلك فما وجه العفو عنه؟


لقد سمعت قبل أيام كلاما لأحدهم مسجلا في يوم عيد الأضحى وهو المدعو حامد عبدالله العلي يقول بالحرف الواحد:


(على خارطة نهضة الأمة ما وجدناه في الكويت من صوت الشعب المدوي الهدار الذي يطالب باحترام سلطته ووضع حد للتلاعب بارادته، عُبث بها نصف قرن من الزمان، شعب يصيح بأعلى صوته:


لقد ان الأوان لترجع للأمة سلطتها ولتصنع مستقبلها بأيدي أبنائها ولتحقق آمالها بنفسها، فلقد مضى عهد تهميش الشعوب وولى زمان الغاء دورها ومعاملتها قطعان غنم يُمن عليها بوجبات الطعام وتجلد ظهورها بالهراوات.


لقد أطلق الشعب الكويتي صيحة مدوية في مسيرة كرامة وطن التي تم قمعها بوحشية القرون الوسطى وهمجية عهود الظلام والعبودية، لقد أطلق صيحته، أشرقت شمس الشعوب فانظروا لها وضّاءة ألِقة بالكرامة والعدالة والحرية.


فكفاكم مصادرة لحقوق الشعوب السياسية واحتقارا لقدرتها على التغيير فأحدثت هذه الصيحة زلزالا في الخليج أصاخ لها شعوب الخليج فتجاوبت معهم قلوب واعية وعقول متفتحة لتبذر فيها بذرة نهضة خليجية، فنسأل الله ان يوفق شباب الحراك السياسي في الكويت ومن معهم من نواب الأمة لاسيما من ضحى منهم فاعتقل أو أوذي بلا تحقيق آمال التغيير المنشود والاصلاح الموعود..آمين.


أيتها الأمة الاسلامية ان الاستبداد يريد ان يخفض دور الأمة الذي رفعه الله ويريد ان يسلب منها أعظم حقوقها وهو حقها السياسي في ان تدير نفسها لترفع شأنها وتعلي مكانتها، وبهذا جعل الاسلام الحاكم وكيلاً عن الأمة لا يحق له ان يستبد برأيه ولا يتصرف بشهوته ولا يمُن على أحد بعطائه الذي هو ثروة الوطن ولا يعتدي على أحد بصوته، فليس له ان يتصرف الا وفق التوكيل الذي حصل عليه من الأمة بما يحدده دستور الأمة المستمد من حضارتها المنبثق من هويتها المستهدية بالقرآن والسنة.


ان سكوت الأمة عن حقها السياسي هذا هو من أعظم أسباب ذلها وهوانها، وحتى شريعة الله في غياب هذا الحق قد تم تشويهها وتوظيفها للاستبداد وشهواته.


وان من أوجب الواجبات اليوم تعليم الأمة هذا الحق وحضها على استرجاعه والجهاد من أجل عودة سلطتها اليها، فان في ذلك خيراً عظيماً عليها بل هو فتح الفتوح اذا عاد اليها، وهذا ما نتوقع حدوثه باذن الله تعالى اذا استمرت نواه هذه النهضة المباركة التي انطلقت بالربيع العربي الى محطتها الاخيرة حيث تجتمع الأمة على مبادئ حضارتها العظيمة القائمة على العدالة والكرامة وتحرير الانسان من طغيان الانسان).انتهى كلامه.


فأسألك بالله العظيم يا دكتور جاسم المهلهل هل نحن في الكويت نعامل معاملة قطعان غنم يُمنُّ علينا بوجبات الطعام وتجلد ظهورنا بالهراوات؟ وهل تم قمع الشعب بوحشية القرون الوسطى؟

وهل نحن نعيش في الكويت في همجية الظلام والعبودية؟

وهل من أوجب الواجبات اليوم تعليم الأمة حقها السياسي والجهاد من أجل عودة سلطتها اليها؟ وهل وهل وهل؟

الى آخر ما ذكره خطيبكم من تلك المغالطات البشعة التي افتراها على أهل الكويت أميراً وحكومة وشعباً؟

وهل بعد هذا الكلام يقال ليس هناك من يسعى الى اسقاط الحكم في الكويت والخليج!!

سبحانك هذا بهتان عظيم.

أخي القارئ لم أنته من التعقيب والايضاح فتابعني في الأسبوع المقبل ان شاء الله تعالى.


أسأل الله ان يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


سالم بن سعد الطويل

www.saltaweel.com


شارك المحتوى: