الاستراتيجيات الخمس لهزيمة الشيطان


الاستراتيجيات الخمس

لهزيمة الشيطان

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فهذه خمس استراتيجيات تعين الإنسان بعد توفيق الله على الانتصار على شيطانه وعلى ذنوبه ومعاصيه

الاستراتيجية الأولى: (لا تُصر)

ومعناها أن لا تداوم على المعصية فتكون. هي الأصل والعادة الذي أنت عليه.

قال تعالى: {إن الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}.

فاجعل الأصل في حياتك الاستقامة، واجعل الزلة مجرد خروج عن الطريق، كما هو الحال حين تعطل السيارة، فإنك إذا تعطلت تتوقف وتبتعد قليلا ثم تُصلحها وتكمل طريقك.

فبذلك تعتاد النفس إذا وقعت في الذنب أن ترجع إلى الطريق وتكمل مسارها وطريقها، وأما من من ينحرف عن الطريق ويستمر بالانحراف، فهو في كل يوم يزداد بعدا عن الصراط المستقيم حتى لا يدري في أي أودية الدنيا هلك.

قال ابن عباس رضي الله عنه: “لا صغيرة مع الإصرار”. أي: أن الإصرار يحول الصغيرة إلى كبيرة.

الاستراتيجية الثانية: (لا تجاهر)

فإياك أن تكون موظفاً في شركة إبليس.

فإن إبليس جعل نفسه داعية لإفساد الناس، ثم وظف كثيراً من الناس في شركته، إما بالدعوة إلى المعصية، أو بالمجاهرة بها، والنبي ﷺ يقول: (كل أمتي معافى إلا المجاهرون)، فالمجاهر داعية للشيطان لأنه بذلك يدعو غيره ويعمل مع الشيطان من حيث يشعر أو لا يشعر.

الاستراتيجية الثالثة: (لا تكثر)

فإن غلبك الشيطان على عدم ترك المعصية فخفف منها قدر استطاعتك.

فإذا لم تفارق المعصية فعليك بتقليلها، ولا تجعل وقوعك فيها إلا عند الاضطرار وإذا غلبتك نفسك فقط، وتذكر أن تقليل المعصية سينفعك حين تقف بين يد الله وعند الميزان يوم القيامة، وأن الإكثار من المعاصي سبب لهلاك الكثير حين توزن حسناتهم وسيئاتهم، كما قال تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ).

الاستراتيجية الرابعة: (تب واستغفر)

فإذا وقعت في ذنب فامسحه بالتوبة والاستغفار.

فإن صحائف أعمالنا گالسبورة البيضاء، ومعاصينا كالخط عليها بالسواد، فإذا كتبت على صحيفة أعمالك بسواد المعصية وخططت عليها بذنب الخطيئة فامسحها مباشرة بالتوبة والاستغفار، وهكذا كلما أذنبت فاستغفر، واعلم أنه ليس من شروط التوبة أن لا ترجع إلى الذنب، وإنما شروطها: الندم، والإقلاع، والعزم على عدم العودة، وليس من شروطها عدم الرجوع إلى الذنب، فإن الرجوع للذنب لا يفسد التوبة التي قبله، وتصوّر أنك تذنب ولا تتوب وتذنب ولا تتوب فكأنك ترسم خطوطاً سوداء على سبورتك حتى تسود بأكملها، ولكن إذا مسحت كلما خططت فستبقى سبورتك بيضاء ناصعة مهما خططت.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: (أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب ، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك) متفق عليه واللفظ لمسلم.

ومعنى اعمل ما شئت: أي أنك إذا كنت على هذه الحالة كل ما أذنبت واستغفرت فإني سأغفر لك.

قال ابن عباس: لا كبيرة مع الاستغفار.

أي أن الاستغفار يحميك ويقيك شر الكبائر فكيف بالصغائر.

الاستراتيجية الخامسة: (اتبع السيئة الحسنة تمحها)

فإذا لم تستطع ترك المعصية فلا تيأس ولا تستسلم للشيطان وزاحم المعاصي بالطاعات والإحسان، فإذا أوقعك الشيطان في المعصية مرة فافعل من الطاعات عشراً،

قال الله عز وجل: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات).

فإن الحسنات إذا زاحمت السيئة أذهبتها بإذن الله تعالى، فإذا غلبك الشيطان فعصيت فلا يغلبنك في أن لا تتبع المعصية بحسنة كأن تتصدق وتقرأ القرآن وتذكُر الله تعالى وتبر والديك وتصل رحمك، وترحم اليتيم والأرملة، وتساعد المحتاج، وتبتسم في وجوه إخوانك، وتحسن للخلق، وهكذا اجعل الطاعات التي تحبها رصيدا لك إذا وقعت في الذنب، فبادر بفعلها وزد فيها، ولا تستلم للمعصية إذا لم تقدر على تركها، فلو أن عندك كأس ماء وقعت فيه قطرة سوداء ثم ظللت تصب ماء طاهراً عليها فإن القطرة السوداء ستختفي وتزول، وكذلك الذنوب، وتذكر دائماً أن عاهرة من بني إسرائيل غفر الله لها حين سقت كلباً، والتاجر المسيء عفر الله له بتجاوزه عن المعسرين، ودخل رجل الجنة بشجرة أزالها عن الطريق كانت تؤذي الناس، فلا تحقرن من المعروف شيئاً.

والخلاصة:

أن من قلل من المعصية وجعلها خلاف عادته، ولم يصر عليها ولم يجاهر بها أو يدع إليها، بل زاحمها بالطاعة واستغفر ربه منها وتاب كلما وقع فيها، فسيكون بذلك قد هزم الشيطان وانتصر عليه بتوفيق الله، وكان مؤمناً عاقلاً يعرف كيف يدير معركته مع الشيطان وينتصر عليه.

كما قال وهب بن منبه رحمه الله:

‏لإزالة الجبل صخرة صخرة وحجراً حجراً أيسر على الشيطان من مكابدة المؤمن العاقل. (من كتاب الأذكياء لابن الجوزي)

فاللهم اهدنا وسددنا وألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا، وأعذنا من الشيطان وأوليائه…آمين

كتبه:

حمد بن عبدالعزيز العتيق

٩ / ٥ / ١٤٣٩هـ

الرياض حرسها الله


شارك المحتوى: