إذا اغتبت شخصًا وأعلم لو أخبرته وأطلب السماح سيأخذ في نفسه، فهل أخبره؟


يقول السائل: إذا اغتبت شخصًا وأعلم لو أخبرته وأطلب السماح سيأخذ في نفسه، فهل أخبره أم ماذا أفعل؟

الجواب:
من اغتاب شخصًا فله حالان:
الحال الأولى: أن يعلم المُغتاب أنه قد اغتابه فلان، فمثل هذا لا يحصل إلا بالتحلل منه، فإن حقوق العباد لا تحصل إلا بالتحلل وتوبتها أن يُتحلل من العباد كما بيَّن هذا النووي ونقله عن العلماء، أما إذا لم يعلم أنه قد اُغتيب فإنه على أصح القولين لا يُعلم ولا يُخبر بذلك، بل يُستغفر له ويُدعى له ويُثنى عليه في المجالس التي حصلت فيها غيبة، وإلى هذا ذهب ابن المبارك وهو قول أحمد في رواية وقول عند الحنابلة، ونصر هذا ابن تيمية وهو قول ابن الصلاح من الشافعية.

ومن أقوى الأدلة أن الغيبة حُرمت لسبب الأذية، فإذا أخبره أنه اغتابه فستحصل له الأذية، فلأجل هذا لا يُخبره حتى لا يحصل الأمر الذي من أجله حرمت الغيبة، فإذن من اغتاب غيره فيكفي أن يدعو له وأن يستغفر له …إلخ.

ثم أؤكد أن ذنب الغيبة كبيرة من كبائر الذنوب بالإجماع، حكاه القرطبي في تفسيره، وهو سهل الوقوع، فينبغي أن نتقي الله وأن نكون حذرين من الغيبة، ثم ينبغي أن يُعلم أن الكلام في الآخرين لمصلحة دينية أو دنيوية ليس غيبةً، فلو قُدر أن الرجل يدعو إلى بدعة أو إلى ضلالة أو إلى فسق أو أن رجلًا يدعو إلى ما يضر الناس في دنياهم ويفعل أمورًا تضر الناس في دنياهم ويُخشى على الناس أن يتأثروا به، فإن الكلام في مثل هذا ليس غيبة كما بيَّن هذا أئمة الإسلام وتواردوا على ذلك، فقد ذكر هذا ابن عبد البر وابن تيمية وابن القيم وغيرهم من أهل العلم.

واستدلوا بأدلة منها ما روى مسلم من حديث فاطمة بنت قيس أنها سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكرت أنه قد تقدم إليها أبو جهم ومعاوية وأسامة، قال: «أما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له» ثم قال: «أنكحي أسامة».
قال ابن تيمية كما في (مجموع الفتاوى): إذا جاز الكلام في الآخرين لمصلحة دنيوية وهي خاصة فجوازه في المصلحة العامة دينية أولى وأولى.

أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.

990_2


شارك المحتوى: