أدلة أهل السنة


خطبة أدلة أهل السنة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحده وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثير ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا

يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما.

أما بعد:إن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد r وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد أيها الناس:

تقدم معنا في الخطبة الماضية والتي قبلها أن الله U قضى على هذه الأمة كما قضى على مـن قبلها من الأمم بالاختلاف والافتراق وقد بين الله U لنا ورسولهr إذا حصل الافتراق في الأمة كيف تكون النجاة وكيف ينجو العبد المسلم من هذه الفرق الضالة الهالكة فقال r: {عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي}.

ولما سئل النبي r عن الفرقة الناجية قال: هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي وتقدم معنا في الخطبة الماضية أن أعظم أصلٍ وأساسٍ لهذه الفرقة الناجية هو توحيد الله I في ربوبيته وأولوهيته وأسمائه وصفاته I فهم يعتقدون أن الله I الخالق الرازق المدبر المالك المحيي المميت وحده لا شريك له ويعتقدون أن الله هو المعبود وحده فلا يذبحون إلا لله ولا ينذرون إلا لله ولا يستغيثون إلا بالله ولا يدعون إلا الله وحده لا شريك له ويثبتون لله ويعتقدونلله الأسماء والصفات الحسنى.

واليوم أيها الإخوة نتكلم عن أصلٍ ثانٍ من أصول أهل السنة والجماعة ألا وهو: أدلة أهل السنة والجماعة؟

أي: بماذا يستدل أهل السنة لإثبات العقائد والأحكام؟

إن كثيراً من الناس لا يعرف ما الأدلة الشرعية التي يُستدل بها لإثبات العقائد والأحكام؟

ألا فاعلموا علمني الله وإياكم كل خير أن أصول أهل السنة وأدلة أهل السنة هي: الكتاب والسنة وما دلا عليه.

أما كتاب الله فهو الكتاب الذي قال الله U فيه )أَلم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ( (البقرة:2) إن كل كتاب مؤلف من تأليف البشر يكتب الناس في مقدمته فيقولون: إن هذا عملٌ بشري قابلٌ للخطأ والنقص ليعذر كلُ من قرأ هذا الكتاب المؤلفَ على ما فيه من نقص وخلل، أما كتاب الله فقد صدره الله U متحدٍ للخلق أجمعين فقال: )ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ((البقرة: من الآية2) لا خطأ، ولا نقص، ولا زلل في كتاب الله تعالى)هُدىً لِلْمُتَّقِينَ((البقرة: من الآية2) يهدي به الله U عباده المتقين.

فأول الأدلة الشرعية هي:كتاب الله I فيه الهدى، والنور، فيه الاستقامة والصلاح، فيه الولاية والتقوى لمن أراد الحق.

وثاني الأدلة التي يستدل بها أهل السنة والجماعة هي:سنة رسول الله r .

إن من الناس اليوم عافاني الله وإياكم من يقول: لا نأخذ إلا بالقرآن وبما جاء في كتاب الله أما ما عداه من سنة النبي r فإنه لا يأخذ بها، وهذا الذي يقوله هذا الجاهل المعاند قد أخبر عنه النبي r قبل موته فقال: لا ألفينَّ رجلا منكم متكئاً على أريكته يقول: ما وجدنا في كتاب الله من حلالٍ أحللناه وما وجدنا فيه من حرامٍ حرمناه ألا وإني أوتيت القران ومثله معه. وقال I )وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى((لنجم:4) فكلام رسول الله r لا بهواه ولا بعقله إنما هو بوحي ربهI )وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى( (النجم:4) فكل ما ثبت عن النبي r فهو دليلٌ عند أهل السنة في العقائد والأحكام.

ولكن أهل السنة لا يؤخذون إلا بالحديث الصحيح الثابت عن رسول الله r فإن كثيراً من البدع والمحدثات دخلت على الأمة بسبب الكذابين والوضاعين الذين كانوا يكذبون على الرسول rكانوا يؤلفون الأحاديث ويضعون الأحاديث على رسول الله r.

منهم من يفعل ذلك ليفسد الدين، ويكون من المندسين من الزنادقة والملحدين يريدون أن يغيروا دين الله I فهذا صنفٌ من الوضاعين ومن الكذابين على رسول الله r.

وصنف آخر هم من الجهلة الذين كانوا يعتقدون أن الكذب على رسول الله من أجل المصلحة مشروع، ولما سئل أحدهم لماذا تكذب على رسول الله r فقال من جهله: أنا أكذب لرسول الله ولا أكذب على رسول الله r وهذا من أعظم الجرائم في دين الله تعالى قالr: {من كذب علي متعمدا ـ بحسن نية أو بغير ذلك ـ فليتبوأ مقعده من النار} إن كثيراً من القنوات الفضائية اليوم، تأتي ببعض الجهلة فيذكرون الأحاديث الموضوعة والضعيفة على رسول الله r ويذكرون الخزعبلات والخرافات وينسبونها إلى رسول الله r، فالمسلم الفطن العاقل لا يغتر بهؤلاء لأنه يعلم أنه لا يؤخذ بشيء من الأحاديث إلا بما ثبت عن رسول الله r.

عباد الله: ومن أدلة أهل السنة: ما أجمع عليه أصحاب رسول الله r وما اتفقوا عليه في العقائد والأحكام.

قال تعالى ) وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى، وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ((النساء: من الآية115) وما سبيل المؤمنين حين نزول الآية؟ إنه سبيل أصحاب رسول اللهr.

فجعل الله U الدليل في سنة رسول الله فقال ) وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى((النساء: من الآية115) ثم جعل الدليل في ما اتفق عليه أصحاب رسول الله r فقال: )وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً((النساء: من الآية115) وقالI ) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا((البقرة: من الآية137) فالله U يزكي ما تفق عليه أصحاب رسول الله وما كانوا عليه من العقائد والإيمان فمن آمن بمثل ما آمن به أصحاب رسول الله فقد اهتدى ومن خالفهم فقد ضل وغوى، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ولا تلبسهما علينا فنظل ونشقى يا سميع الدعاء.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى أله وسلم تسليماً كثيرا أما بعد أيها الإخوة في الله:

لقد دلنا الله U على الأدلة الشرعية التي يستدل بها على العقائد والأحكام لكن الشيطان سول لكثيرٍ من الناس أدلة أخرى أضلهم بها عن دين الله I.

لقد اخترع الشيطان أدلة جديدة يستدل بها كثيرٌ من الناس على العقائد والأحكام الشرعية فمن ذلك ما نسمعه، أو نقرأه في بعض الرسائل الإعلامية أوعبر وسائل الاتصال من الرؤى والأحلام فكم وكم أضل الشيطان بني آدم عن طريق الرؤى والأحلام إن من الرؤى ما يكون من الشيطان ومن الرؤى ما يكون من حديث النفس ومن الرؤى ما يكون من أضغاث الأحلام فكيف يستدل بها على دين رب العالمين I.

تجد كثيراً من الناس عندما يتكلم ويريد أن يزين باطله يقول للناس: إن أحد الصالحين رأى كذا وكذا ورأى كذا وكذا، فعليكم بذلك.

ومتى كانت الرؤى والأحلام يا عباد الله دليلاً في شرع الله؟!

تأتيك رسالة عبر الجوال وفيها: رؤيا صالحة تقول لأهل الخليج: أن يقرؤوا في هذه الليلة سورة الأنعام.

ورؤيا صالحة تقول: للناس استغيثوا بزينب. ويستدلون بقصةً طويلة أن بنتاً مريضة رأت في المنام أن زينب رضي الله عنها جاءتها، فقطرت في حلقها قطراتٍ فشفيت، فيا مسلم عليك بهذه القصة أن تنشرها لقد وصلت إلى تاجرٍ فلم يهتم بها فخسر كل تجارته، ووصلت إلى فقيرٍ فوزعها فصار من الأغنياء، ووصلت إلى كذا وكذا فحصل له كذا وكذا بماذا يستدلون؟ يستدلون بالرؤى والأحلام وهذا يا عباد الله من أعظم طرق الشيطان على ابن آدم أن يسول له ويزين له الباطل عبر الرؤى والأحلام.

فالرؤى والأحلام ليست من الأدلة الشرعية يا عباد الله. بل من أدلة الضالين، وأكثر من يستدل بذلك الصوفية وأمثالهم من المخالفين لأهل السنة.

ومن الأدلة التي زينها الشيطان لبعض الناس التجربة.

نعم، يا عباد الله التجارب دليلٌ وبرهان لكن في المسائل الدنيوية، في المسائل المادية فنحن نحتاج في الطب إلى التجارب ونحتاج في الهندسة إلى التجارب ونحتاج في الكيمياء إلى التجارب لكننا لا نحتاج التجارب لإثبات دين الله I.

في القصة المكذوبة الماضية عن رؤيا زينب قالوا: من وزع هذه القصة سيُحصِل الخير ومن لم يوزع هذه القصة سيحصل له كذا وكذا من الشرور، ما الدليل؟! قالوا الدليل التجربة.

والتجربة يا عباد الله ليست دليلاً في دين الله ومن أمثال ذلك أن بعض الضُلال المبتدعة الذين استولى عليهم الشيطان في بعض البلاد الإسلامية كيف يستدلون لباطلهم ؟

يأتون فيجمعون العوام والجهال ثم يأتون بالمسامير وبالسكاكين وبالحراب ثم يدخلونها في أجسامهم ويقولون أنظروا إنها لا تضرنا لماذا لا تضركم؟ قالوا: لأننا من أولياء الله تعالى، فاتبعونا لأننا من أولياء الله وثبت بأعينكم بالتجربة أن المسامير، والسكاكين، والحراب لا تأذينا بل وأكل الزجاج، وأكل الجمر، ويمشون على النار ويقولون هذه من الكرامات لنا فثبت بالتجربة أننا من أولياء الله تعالى،

و هذا منتشر يا عباد الله في بعض البلاد الإسلامية.

ألا فاعلموا يا عباد الله أن الساحر يثبت بالتجربة أنه يستطيع الشفاء والكاهن يثبت بالتجربة أنه يعلم الغيب والمشعوذ يثبت بالتجربة أنه يخرق العادات أفنتبع الساحر والكاهن والمشعوذ بسبب التجربة إن هذه الأعمال التي يقوم بها هؤلاء الدجالون وهؤلاء المبتدعة إنما هي من أفعال أوليائهم من الجن والشياطين، يتلبسون بهم ثم يجعلونهم يفعلون مثل هذه الأمور فالتجربة يا عباد الله ليست دليلاً

ومن ذلك أيضاً أن المسيح الدجال عندما ينزل في آخر الزمان ما دليله أمام الناس وبماذا يستدل لباطله؟.يستدل بالتجربة بأن يقتل الإنسان ثم يحييه، ويستدل أنه يقول للسماء أمطري فتمطر ويستدل أنه يقول للأرض أخرجي كنوزك فتخرج، فهل نتبعه بسبب التجربة؟ كلا لأن التجربة إذا عارضت كتاب الله وسنة رسول الله فهي من عمل الشيطان ومن عمل أولياء الشيطان.

ومن الأدلة التي يستدل بها الشيطان وأتباعه: القصص

يأتونك ويقولون افعل كذا وكذا وإذا سألته ما الدليل؟ سرد لك عشرات القصص أقل أو أكثر، قصص مكذوبة لا زمام لها ولا خطام، كلها من وحي الشيطان ليستدل بها على باطله.

فالقصص والرؤى والأحلام والتجارب ليست من الأدلة الشرعية يا عباد الله في شيء إنما الأدلة الشرعية في كتاب الله وسنة رسول الله rوما أجمع عليه أصحاب رسول الله rوإذا رأيتم من يستدل بالأحلام والرؤى أو بالقصص التي لا زمام لها ولا خطام أو بالتجارب في دين الله وعلى عقائد المسلمين فاعلموا أنه مخالف لسنة سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

وقبل أن نختم يا عباد الله لقد انتشرت في هذه الأيام بل في ختام كل سنة هجرية الرسائل الكثيرة عبر الجوال وغيرها بالأمر بختام السنة بصيامٍأو قيامٍ أو ذكرٍ فيقولون لك: لنختم هذه السنة بصيام اليوم الأخير ولنستفتح السنة الجديدة بالصيام أو بقيام ليلة أول يوم من السنة الهجرية أو آخر يومٍ من السنة الهجرية لماذا؟ قالوا: حتى نفتح صفحة جديدةٍ مع الله I عباد الله هل بقي شيء من الدين أنقصه رسول الله r هل مات النبي r وقد أخفى عنا شيئاً من الدين وكتمه ولم يظهره أيقول مسلمٌ بذلك حشاه r قال I:) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ((المائدة: من الآية3) الله U أكمل الدين ولم يترك النبي r شيئاً من الخير يعلمه إلا دلنا عليه ولم يترك شيئاً من الشر يعلمه إلا حذرنا منه فلماذا لم يدلنا النبي r على ذلك؟ لماذا لم يفعل ذلك أبو بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعلي لماذا؟ لأنه ليس من دين الله I فالخير كل الخير فيما فعله رسول الله r وما فعله أصحابه والشر كل الشر أن يفعل الإنسان ما تركه النبي r وأصحابه من الدين فاحذروا يا عباد الله فاحذروا البدعة وأهل البدع وإياكم أن يقدم الإنسان على فعلاٍ من الدين إلا إذا سأل هل فعل ذلك رسول الله r وأصحابه أم لا. نسأل الله U أن ينجينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ولا تلبسهما علينا فنضل ونشقى ياحي يا قيوم ياذا الجلال والإكرام.


شارك المحتوى: