مختصر من حياة الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود


مختصر من حياة الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود

الحمد لله معز من أطاعه، ومذل من عصاه ، جعل لهذه الأمة من يجدد لها دينها ويحيي سنن نبيها ويقرر لها التوحيد وكلمة لاإله الا الله، فهو أول ماتدعوا إليه الأنبياء أممهم ولا تدعو إلى شيء قبله سواه، ولأجله أنزل الله تعالى (فَاقتُلوا المُشرِكِينَ ) ،(وجَاهِدُوا في سَبِيلِه)

وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له،لارب لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي كمل به عقد النبوة فلا نبي بعده فطوبى لمن والاه وتولاه، اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا في الله حق جهاده، وكان هواهم تبعا لهواه، وسلم تسليما.

فاتقوا الله عباد الله : فقد نجا من اتقى، وضلَّ من قادَه الهوى 🙁 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )

أما بعد : فإن من عظيم فضائل ربنا ما منّ به في آخر هذا الزمان على أهل هذه البلاد ، بعدما كثر فيهم الجهل والضلال، والظلم والجور والقتال فجمعهم الله تعالى به بعد الفرقة، وأعزهم بعد الذلة، وأغناهم بعد العيلة، وجعلهم إخوانا، فأمنت به السبل، وحييت السنن وماتت البدع، واستنار التوحيد بعدما خفي ودرس، وزال الشرك بعدما رسا في البلاد وغرس، وكان مظهر ذلك من يقول للشيء: كن فيكون،(ولَقد كَتَبنَا فِي الزَّبُورِ مِن بعدِ الذِّكرِ أنَّ الأرضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون)

أيها المسلمون: إن الحديث عن البطولة والأبطال؛ شهي إلى كل نفس، وحبيب إلى كل قلب، ولا تمل الأسماع روايته، ونحن المسلمون لسنا بحاجة؛ لأن نخترع الأبطال لأنفسنا، ولا أن نبتدع لهم البطولات من عندنا، فتاريخنا من أحفل تواريخ الأمم بالبطولات، وأغناها بالأبطال، اتصل آخره بأوله برباط من كتاب الله وسنة نبيه على عقيدة صحيحة ، إلا أن الحديث يحلو اذا كان عن أبطال ليس بيننا وبينهم الا الزمن اليسير ، وعفى عن ذكرهم القريب.

فبالله عليكم سلوا أنفسكم قبل أن تسألوا أبناءكم هل تعرفون الإمام عبد العزيز بن محمد -رحمه الله-! الذي حكم هـٰذه الجزيرة أربعين سنة لم يحكمها بعد الصحابة خير منه، أربعين عاما كلها علْم ودعوة وجهاد ؛ كان يدرس صحيح البخاري بنفسه وتفسير ابن كثير بمسجد الدّرعية، جاهد وهدم الأوثان، حتى بلغ أوثان النجف وكربلاء وعمان واليمن وحوران الشام فهدمها رَحمه اللهُ ، ثم قُتل قتلة عمر بن الخطاب وهو يصلي في المحراب بالمسلمين صلاة العصر ، ثم لا تسمع له همسا ولا ذكرا، ويلمّع أناس لا يبلغون عشر معشاره ، بل وأنهم قادة ومجددون وتبرز سيرهم ، ويخطب ويلقن النشأ أخبارهم وفيهم من التصوف الغالي الذي جاوزوا به الربوبية والتصرف في الكون للمخلوقين ، وأئمة التوحيد ومطهروا البلاد من أوثان التعلق والقصد والطلب بالأضرحة بل والشجر والغيران ،لا تسمع لهم ذكرا؛ ولا لأخبارهم ناقلا ، مؤامرة خبيثة على أهل التوحيد وعلى أجيالهم يريدون وراءها قطع هـٰذه الشجرة وقطع هـٰذا الذكر من قلوب الناس نهائيا، ويلمع الرجل أو الجماعة أو الدولة لأجل أشياء ظاهرة، وأما الشرك فليس عيبا، لعلّ لهم عذرا وأنت تلومهم!!

عباد الله: لما أظهر الإمام المجدد دعوته لقيت قبولا كبيرا كان في مقدم ذلك أخوا الإمام محمد بن سعود وابنه عبدالعزيز وكان عمره آنذاك أربعة وعشرون عاما ، فقاموا معه نصرة ودفاعا ،فكان عهد الإمام محمد بن سعود عهد البيعة والنصرة والتأسيس ، أما عهد ابنه عبدالعزيز فهو عهد الانطلاق والتوسع .

فمن عبدالعزيز هذا ؟ إنه الإمام المجاهد، والبطل المجالد ، مجهز الغزوات، رافع الرايات ، العلامة الزاهد العابد ؛ عبد العزيز بن محمد بن سعود ، قاد جيوش أبيه بعد مقتل ابن معمر وعمره ثلاثون عاما ، وتولى الإمامة بعد أبيه عام 1179هـ ، كان تلميذا للشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب، كما كان متمرسا في أمور الدولة العامة ، وبارعا في القيادة العسكرية .

كان رحمه الله كثير الخوف من الله وكثير الذكر، آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم .

كان الصبيان من أهل الدرعية إذا خرجوا من عند المعلم آخر العصر يصعدون إليه في مقره ويعرضون عليه ألواحهم ومحفوظاتهم فمن أبدى منهم نشاطا أعطاه عطاءً جزيلا.

وكان مع رأفته بالرعية كما يقول ابن بشر شديدا على من جنى جناية ، فقد كانت نجد بل الجزيرة بأكملها في نهب وسرقة وقطع طريق ، لايأمن الإنسان على نفسه فضلا عن ماله ، حتى أتى الله بهذا الإمام يقول المؤرخ ابن بشر عنه: وهو حقيق بأن يلقب مهدي زمانه ، فلقد كان الشخص الواحد يسافر بالأموال العظيمة أي وقت شاء ، يمينا أو شمالا لا يخشى أحدًا إلا الله لا سارقًا ولا قاطع طريق.. وكان أهل المواش أيام الربيع يسيبون جميع مواشيهم ليس لها راع ولا مراع .

لما سُرق حاج قروشا جمع الإمام رؤوس قبيلة السارق وتهددهم بالقيد والسجن ، فرغبوا أن يَغرموها بأضعاف ثمنها إلا أنه أبى حتى يؤتى بالسارق ، فجيء به وكان عنده سبعون ناقة فباعها الإمام وأدخل ثمنها بيت المال ، بهذا كانت السراق تهاب حتى أخذ الضالة فقد ذكر الشيخ ابن منصور أن سراقا مكثوا ثلاثة أيام وهم في الصحراء جياعا كل واحد منهم يوميء الى الآخر بأخذ عنز ضالة فلم يفعلوا خوف العاقبة .

ولما اعتدت وقتلت بعض القبائل الموالية للعراق حجاج فارس في بعض طرق بلاد الإمام عبدالعزيز ارسل الى باشا العراق يفاوضه في ذلك ، إلا أنه رفض محاولة الإمام عبدالعزيز الصلح بطلب ديات القتلى أو السماح للقبائل السعودية بالرعي في جهات العراق ، فأرسل الإمام عبدالعزيز ابنه سعودا بالجيوش ، وقصد أرض كربلاء ونازل أهلها ، وتسوروا جدرانها ، ودخلوها عنوة ، وقتلوا منهم ألفي رجل كما يقول ابن بشر ، وهدموا القبة الموضوعة على قبر الحسين رضي الله عنه ، وأخذوا ما فيها وما حولها .

ذكر ابن بشر اخبارا وصورا للأمن بما لم يكن للجزيرة قبل ، قال – أي ابن بشر – : الا في زمن عمر بن الخطاب

وكان الإمام عبدالعزيز رحمه الله لا يخرج من المسجد بعد صلاة الصبح حتى ترتفع الشمس ويصلي فيه صلاة الضحى . كما كانت له حلقات للتعليم بعد الفجر في جامع الدرعية وبعد الظهر وبعد المغرب فكان بين معلم أو متعلم. وذلك إلى جانب تصريف أمور الدولة وتفقد أحوال الرعية.

عباد الله : طالعوا رسائله الى الملوك والرؤساء وعامة المسلمين تجد العلم والفقه ، والباع الكبير في التوحيد .

في رسالته الى علماء الحرمين والشام ومصر والعراق والمغرب يقول عنها الإمام ابن باز : أبان فيها دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب .. وبين رحمه الله الأمور التي أنكرها الناس على أصحاب هذه الدعوة المباركة ،وأوضح أدلتها وكشف الشبه التي تعلق بها عباد الأنبياء والأولياء فجاءت بحمد الله كافية شافية ) .

في مطلع عام ألف ومائتين وثمانية عشرة قتل الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود في مسجد الدرعية ، وهو ساجد أثناء صلاة العصر .

مضى عليه رجل رافضي ، أقبل من وطنه ، وادعى أنه مهاجر ، وأظهر التمسك والطاعة ، وتعلم شيئًا من القرآن .

فأكرمه عبد العزيز وأعطاه وكساه ، فلما كان في صلاة العصر وثب عليه من الصف الثالث والناس في السجود، فطعنه في خاصرته أسفل البطن بخنجر معه ، فاضطرب أهل المسجد وماج بعضهم في بعض ، ولم يكن يدرون ما الأمر ؟ فأهوى عليه أخو الإمام عبد الله فصرعه وقتله .

ثم حمل الإمام إلى قصره ، وقد غاب ذهنه وقرب نزعه ، فتوفي في حينه . رحم الله الإمام عبدالعزيز ورفع

درجته في المهديين ، أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم .

الخطبة الثانية :

الحمد لله الذي لم يتّخِذْ ولدا ولم يكن لّه شريكٌ في الملكِ ولم يكن له وليٌّ من الذّلِ وكبره تكْبيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق كل شيءٍ فقدره تقديرا، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعةِ بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا.

عباد الله : من يتأمل فراسة سماحة الإمام عبد العزيز ابن باز قدس الله روحه يعلم حقيقة الأمر وخطورته حينما قال : ( العداء لهذه الدولة – يعني : المملكة العربية السعودية – عداء للحق ، عداء للتوحيد ، أي دولة تقوم بالتوحيد الآن من حولنا : مصر ، الشام ، العراق ، من يدعو إلى التوحيد الآن ؟ ويحكم شريعة الله ؟ ويهدم القبور التي تعبد من دون الله ! مَنْ ؟ أين هم ؟ أين الدولة التي تقوم بهذه الشريعة ؟غير هذه الدولة !)

فمتى يعي ذلك أبناءنا المتأثرين بأفراخ الطرق الصوفية ولإخوانية في هذه البلاد ، ودعاة الحزبية ، ودعاة القطبية التكفيرية أصحاب الدول الكارتونية ؟

ومتى يعي ذلك دعاة الوحدة والتقارب والموازنات مع أهل الزندقة والبدع والضلال والأهواء ؟ بل والأدهى من ذلك من يطالب منهم الدولة بالسماح لهؤلاء الزنادقة بتدريس مصنفاتهم الخبيثة في مدارس تعليمية خاصة ، وأن يقلدوا المناصب الرفيعة ؟ومتى .. ومتى .. ؟ وإلى الله المشتكى !

ولكن المتأمل والمبصر لحال هؤلاء يعلم أن القلوب قد تشابهت على هدف واحد ، هو : اسقاط الدعوة السلفية ، ولما فشلوا في فترة التسعينات ( حرب الخليج الأولى ) ، وما قدر أقطاب هذه التنظيمات البدعية على اظهار هذا الهدف ، لانتصار الدولة السعودية في تلك الحرب داخليًا وخارجيًا ، لجأوا إلى الطعن بكبار علماء الدعوة السلفية صراحةً ، وإلى النيل من مؤسسات الدولة ، ودسوا في عقائد ضعاف النفوس من اتباعهم أن اسقاط الدولة السعودية لا يأتي إلا بإسقاط الدعوة السلفية ، ويعنون بذلك كبار علمائنا وأهل العلم والصلاح السلفيين !

ولهذا نجد من أبناء جلدتنا من يتجرأ على عقيدة الإمامين محمد بن عبد الوهاب ، ومحمد بن سعود ، ودولتهم السلفية .

وما ذلك إلا من تلك السموم البدعية الخبيثة (الرافضية والصوفية )والإخوانية الثوب الذي ضم هذه كلها والتي لوث بها الأعداء فكر وعقيدة أبناء التوحيد والسنة (قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)

عباد الله : صلوا على نبي الملحمة محمد ابن عبد الله

صلى الله وسلم عليه وعلى آله واصحابه وخلفائه

الراشدين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين .

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين.

ودمِّر أعداء الدين، واحم حوزة الدين، وأجعل هذا البلد آمناً مطمئنَّا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم وفق ولي أمرنا لكل خير و جنبه كل شر وارزقه البطانة الصالحة الناصحة .

اللهم كن لجنودنا المجاهدين في رباط ثغور بلاد التوحيد ، اللهم سدد رميهم واخذل عدوهم وأشف جريحهم وعجل نصرهم يا قوي يا عزيز .


شارك المحتوى: