بأي شرع أو بأي عقل يُخرج بالنساء للمدرجات الرياضية على هذه الحال يا أولياء أمورهن؟!


[[ بأي شرع أو بأي عقل يُخرج بالنساء للمدرجات الرياضية على هذه الحال يا أولياء أمورهن؟! ]]

بسم الله الرحمن الرحيم

قال -صلى الله عليه وسلم-: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).

قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}.

فانظر يا مسلم ويا مسلمة لرعاية النبي -صلى الله عليه وسلم- لنساءه.

قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: (وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ عَلَى بَابِ حُجْرَتِي، وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ، فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى لَعِبِهِمْ).

وجاء في إحدى روايات هذا الحديث قولها -رضي الله عنها- : (فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِمَّا قَالَ:«تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟»فَقُلْتُ:نَعَمْ،فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ).

وفي لفظ: قالت -رضي الله عنها-: (وَدِدْتُ أَنِّي رَأَيْتُ اللَّعَّابِينَ-أي الحبشة الذين يلعبون برماحهم-قَالَتْ:«فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُمْتُ عَلَى الْبَابِأَنْظُرُ بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ، وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ).

وقد جاء في حديث أخر عنها -رضي الله عنها- في قصة مسابقتها للنبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: (خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَنَزَلَ مَنْزِلًا، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: “تَقَدَّمُوا”، ثُمَّ قَالَ: تَعَالِ حَتَّى أُسَابِقَكِ، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَفَرٍ وَقَدْ جَمَعْتُ اللَّحْمَ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: “تَقَدَّمُوا”، ثُمَّ قَالَ:تَعَالِ حَتَّى أُسَابِقَكِ، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي، فَضَرَبَ بَيْنَ كَتِفَيَّ، وَقَالَ:هَذِهِ بِتِلْكَ”).

ففي نظر عائشة -رضي الله عنها- للعب الحبشة حجبها النبي -صلى الله عليه وسلم- بردائه وبجسمه حتى لم يبق لها ,ولا منها إلا ما بين إذنه وعاتقه لكي تنظر إلى هذا النظر المباح ولكي لا ترأها الأنظار.

وفي قصة المسابقة لم يسابقها النبي صلى الله عليه وسلم أمام أصحابه بل أمرهم بالتقدم وتأخر معها لفعل هذا الأمر المباح في كامل سترها عن أنظار الرجال الأجانب ولو كانوا الصحابة الأطهار المؤمنين وهي أمهم أم المؤمنين فكيف والملاعب تجمع جميع الأصناف بل يطغى عليها اليوم كثير من المحذرورات التي لا تخفى على ذي عقل فضلا عن ذي دين.

فالخروج بالنساء لمثل هذه الأماكن على حالتها المعلومة للعالم وللجاهل لا وجه مشروع له في جميع المذاهب الفقهية المعتبرة لعدم التمكن من المحافظة على سترهن وصيانتهن عن مجمع الرجال وعن أنظارهم ، فليس الحجاب مجرد جلباب أو غطاء بل من فريضة الحجاب المباعدة عن أنظار الرجال قدر الأماكن حال بروزهن.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَيْسَ لِلنِّسَاءِ وَسَطُ الطَّرِيقِ)صحيح ابن حبان.

فأين الحجاب والحشمة والحياء مما يحصل في حضور النساء للملاعب الرياضية اليوم مع هتك سترهن بتصوير اللقاءات لهن في أماكن مفتوحة ومقاعد متلاصقة ، ويجتمع فيها الرجال بالنساء بزعم وجود رب الأسرة من أب أو أخ أو زوج أو ابن وكأنه بذلك يحل لهذا الخارج بنساءه أن يرى نساء غيره ممن لا يحل له الاختلاط بهن أو النظر إليهن ويرى الأخر نساء الثاني !!

يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله فقيه الشافعية في [الفتح (12/245)]: (ومن المعلوم أن العاقل يشتد عليه أن الأجنبي يرى وجه زوجته وابنته ونحو ذلك)انتهى.

وفي السير الكبير (1/204) مبحث إخراج الرجال لنساءهم معهم حال الغزو، يقول محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة -رحمهما الله-: (إن كان لابد من إخراجهن فالاماء دون الحرائر,لان حكم الاختلاط بالرجال في حق الاماء أخف) انتهى.

ومن تتبع حال المرأة المسلمة في عصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد السنة الخامسة من الهجرة؛ لَعَلِمَ أن الأمر استقر على تطبيق مقتضى فريضة الحجاب، المتضمنة ترك اختلاط النساء بالرجال غير المحارم في الأماكن الخاصة والمحصورة، كأماكن التعليم والصلاة والعمل، ولم تعتبر حُسن الظن في اجتماع النساء بالرجال غير المحارم، في صلاة الجماعة، وهم أطهر ما يكونون قلوبًا منهم خارج الصلاة، فباعدت الشريعة بينهم حال المصاف، وكان الرجال لا ينصرفون إلا بعد إنصراف النساء جميعهن، فباعدت بين الرجال والنساء في أشرف المواطن، فما دونه يكون أولى.

فكيف إذا كان السبب لذلك التنزه والترفيه!؟

فمن زعم غير ذلك فقد نسب التناقض للشرع المطهر، وإلا كيف يطلب الشارع الحكيم من الجنسين حال سؤال الحاجات من بعضهم البعض التخاطب من وراء حجاب، ثم يسمح بالاختلاط في الأماكن المحصورة ولأوقات معلومة كحال هذه المدرجات؟

حاشا شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك !

يقول ابن رشد الحفيد رحمه الله الفقيه المالكي في [الجامع من المقدمات (ص233)]: (فإذا كثرت المناكير في الطرقات… كمشي الرجال مع النساء الشواب يحادثونهن، وما أشبه ذلك من المناكير الظاهرة، وجب على الإمام تغييره جهده، بأن يولي من يجعل إليه تفقد ذلك والقيام به) انتهى.

ويقول الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله رحمة واسعة-: (أقبح ما هنالك في الأخلاق ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها، حتى نبذن وظائفهن الأساسية… ودخولهن في بؤرات الفساد والرذائل، وادعاء أن ذلك من عمل التقدم والتمدن، فلا –والله!- ليس هذا (التمدن) في شرعنا وعرفنا وعادتنا، ولا يرضى أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان وإسلام ومروءة أن يرى زوجته أو أحداً من عائلته أو من المنتسبين إليه في هذا الموقف المخزي) انتهى مختصرًا [المصحف والسيف (ص322)].

والله أعلم وهو المستعان

وكتب /علي بن عمر النهدي

جماد الأولى 1439هـ


شارك المحتوى: