الحب بين الزوجين


بسم الله الرحمن الرحيم

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

 

فقد وصلني مقطع لرجل يدعي أنه لا يوجد حب بعد الزواج.

وأن الحب يوجد فقط قبل الزواج.

كما يطالب المرأة بأن تكون أنانية مع الزوج وأن لا تبذل له ما تستطيع من الحب بل يجب عليها العكس بأن تجوعه عاطفيًا لكي لا يبحث عن غيرها.

 

وهذا الكلام خطأ من عدة جهات:

[1] استدل بقول الله “وجعل بينكم مودة” وقال: إن المودة ليست هي الحب.

وهذا بسبب جهله لأن المودة هي الحب والمحبة كما ذكر أهل اللغة.

قال في المعجم الوسيط

المَوَدَّةُ: المحبَّةُ.

وبه فُسِّر ما في التنزيل العزيز: من سورة الممتحنة ﴿تُلْقُون إِليْهِمْ بالمَوَدَّةِ﴾ انتهى.

 

واستخدم الله المودة بمعنى المحبة في بعض الآيات كقوله تعالى: ﴿يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ وقال سبحانه: ﴿وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ﴾.

ومما يدل على بطلان قول هذا الرجل أن النبي ﷺ سئل عن أحب الناس إليه فقال: «عائشة» رواه البخاري ومسلم.

فمن نصدق؟! هل نصدق هذا الرجل الذي يزعم أنه لا يوجد حب بين الزوجين؟!!

أم نبينا ﷺ الذي أثبت لنا حب الزوج لزوجته بعد الزواج.

 

[2] زعم أن التجويع العاطفي للزوج يحافظ عليه، وهذا مخالف للشرع والعقل والواقع.

فالشرع أمرنا بالحب لبعضنا كما قال الله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾، ومعنى أولياء بعض: أي يحبون بعضهم وينصرون بعضهم.

 

وقال نبينا ﷺ: «مَثَل المؤْمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطُفهم مَثَل الجسَد؛ إذا اشْتكى منْه شيءٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمَّى». رواه الإمام أحمد.

ومعلوم عقلًا وواقعًا أن بذل الحب يجلب الحب، وأن الجفاف العاطفي يولد مثله، وأكثر البيوت التي تشكو اليوم من التصدع كان السبب في ذلك الجفاف العاطفي من أحد الزوجين فأدى إلى الجفاف بالمقابل من الطرف الآخر.

 

[3] هذا الطرح يجعل البنات والأولاد يتصورون أن الزواج خالٍ من الحب، وبالتالي لن يحرصوا على الزواج لأنه سينهي الحب الذي يستمتعون به، أو سيجعلهم يبحثون عن عشيق وعشيقة بعد الزواج ليمارسوا الحب الذي فقدوه بعد الزواج، وهذا كاف في بيان بطلان هذا الكلام الفارغ.

وأخيرًا:

أنصح كل مسلم ومسلمة أن يكون عنصر تفاؤل وعامل خير في مجتمعه، وأن يحارب هذه الرسائل السلبية التي تنشر الإحباط بين أفراد المجتمع، ولنحذر أن نكون بوابة عبور لكل من هب ودب، فكل من سمع هذا المقطع أو شاهده سيصاب بالإحباط أو الصدمة لو صدق ما فيه من هراء.

كما أن كلامي هذا لا ينفي وجود بعض الممارسات الخاطئة أو غلو بعض الزوجات في إظهار الحب، ولكن وجود مثل هذه الأخطاء لا يعني أن نلغي الحب في الحياة الزوجية من قاموسنا.

وإليكم محاضرة عن هدي الكتاب والسنة في الحياة الزوجية أسأل الله أن ينفع بها:

https://youtu.be/8YWFAQ5B3Pw

والله الهادي إلى سواء السبيل.

 

كتبه:

حمد بن عبد العزيز العتيق

الرياض حرسها الله

٢٨ – ٢ – ١٤٣٦هـ


شارك المحتوى:
1