يقول السائل: ما حكم افتتاح المحافل والزواجات بقراءة القرآن؟ وهل هناك فرق بين أن يفتتح الحفل وبين أن يكون فقرة من فقراته؟
الجواب:
إنه قد اعتاد كثيرون إذا افتتحوا حفلًا أو غيره أن يفتتحوه بقراءة شيء من كتاب الله، ودافعهم في ذلك: أن يجعلوا ابتداء الحفل مفتتحًا بقراءة القرآن، وأن قراءة القرآن خير، إلى غير ذلك.
وينبغي أن يعلم أن مثل هذا العمل عبادة، وأن الأصل في العبادات الحظر والمنع، فلا يفعل منها إلا ما دل الدليل عليه، وإلا الأصل هو الحظر والمنع؛ لما أخرج الشيخان من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي ﷺ قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».
فلا يختلف مسلمان -بل كل المسلمين على هذا- أن خير الذكر هو كتاب الله -عز وجل- لكن مع ذلك لم يكن سلفنا الكرام يعتادون افتتاح حفلاتهم وتجمعاتهم بقراءة شيء من القرآن، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، ولتُعلَم قاعدة مهمة: أن كل خير لم يفعله السلف، لم يفعله النبي ﷺ ولا صحابته مع وجود المقتضِي وانتفاء المانع ففعله بدعة في الشريعة.
قرَّر هذا علماء الإسلام كثيرًا عند كلامهم عن البدع، وقرَّر ذلك ممن أفرد الكلام عن البدع كالطرطوشي، وأبي شامة، والشاطبي وغيرهم، وإن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لما دخل المسجد، ورأى الناس حلقًا، يقول أحدهم: كبروا الله مائة، فيكبرون الله مائة، ويعدون التكبير بالحصى، أنكر عليهم عبد الله بن مسعود، وجعل حجته في الإنكار أن هذا الأمر لم يفعله النبي ﷺ.
قال: “ أأنتم سابقون إلى خير لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أما أنكم مفتتحو باب ضلالة؟ ” رواه الدارمي.
ومثل ذلك افتتاح التجمعات والاحتفالات والحفلات بقراءة شيء من القرآن، فإن الإتيان به من البدع المنكرة، فلا يصح فعله فإنه لو كان خيرًا لسبقنا إليه سلف هذه الأمة.
وبعضهم قد لا يفتتح الحفلات، لكن لابد أن يضع فقرة من كتاب الله، وأيضًا اعتياد مثل هذا بدعة، فإنه لو كان خيرًا لسبقونا إليه.
وفرق بين أن يُفعل عَرَضًا وبين أن يُتَّخذ عادة، وفي هذا الزمن أصبح عادة درج عليه الكثيرون.
وقد أنكر هذا جمع من العلماء المعاصرين، ومنهم الشيخ عبد الرزاق عفيفي -رحمه الله تعالى- في فتاواه وغيره من أهل العلم، والعمدة في إنكار مثل هذا أنه لو كان خيرًا لسبقنا إليه سلف هذه الأمة، وكل خير في إتباع من سلف.