‎الكفار في النار، وليس كما زعمت! (‎رد على د. محمد العوضي)


الكفار في النار، وليس كما زعمت!

رد على د. محمد العوضي.

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليم

أما بعد:

فقد استمعت إلى مقطع منشور على اليوتيوب بعنوان ( ما ذنب من مات ولم يعرف عن الإسلام شيئا هل سيدخل النار؟) للدكتور محمد العوضي ـ هداه الله للحق، وبصّره فيه ـ قال فيه قولا باطلا، نادى فيه على نفسه بالجهل، وتطاول فيه على الشرع، وزعم أن ذلك هو الحق، فقد زعم أن سائلة سألته فقالت: ما ذنب الهندوس والبوذيين والوثنين والناس الذين عقائدهم حتى لو اعترضنا عليها عقليا أنها عقائد فاشلة ما ذنبهم أنهم يدخلون النار بهذه البساطة؟ قال: قلت لها :من قال لك إن الكفار سيدخلون النار؟ قالت: أليس الكفار سيدخلون النار؟ قلت لها: ومن قال لك إن الكافر سيدخل النار؟ قالت: أليس الذي يموت وهو كافر سيدخل النار؟ قال: قلت لها: ومن قال لك إن من يموت وهو كافر يدخل النار؟…. إلى آخر ما ذكره من كلام ساقط عري عن العلم والدليل.

وخلاصة كلامه أنه لا يقال: إن الكفار في النار يعذبون، سواء أكانوا من البوذيين أم الهندوس أم الوثنيين أم غيرهم من اليهود والنصارى والمجوس، إلا المعاند والجاحد، وزعم أن ذلك هو الحق.

وفي صدر هذا الردّ أدعو الدكتور العوضي إلى التوبة والاستغفار من هذه المقالة الشنيعة، والقول على الله بلا علم؛ فإن الرجوع إلى الحق واجب وفضيلة، والتمادي في الباطل إثم ورذيلة، وباب التوبة مفتوح، عسى الله أن يتوب علينا وعليه؛ إنه هو التواب الرحيم.

وأما الرّدّ فلن أتناول فيه جزئيات هذه الكلمة وما فيها من أخطاء عقدية له ولغيره ممن نقل عنه، ولكن سأجعل الرد منصبّا على الأصل الفاسد الذي حاول تمريره على المسلمين، وهو ما تقدم ذكره في سؤال السائلة وجوابه ( وهو أنه لايقال: ( إن الكفار في النار) فأقول ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم ـ :

أولا: لقد أخبر الله في كتابه خبرا مقطوعا به عند العلماء قاطبة أن الكفار في النار يعذبون، سواء أكان الكفر أصليا أم ردّة عن الدين، كما قال تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البقرة: 39] وقال: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ } [غافر: 6] وقال:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ } [الجاثية: 11]

وقال:{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ } [البينة: 6] وقال:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البقرة: 257]وقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [آل عمران: 116]وقال: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [الأعراف: 36] وقال:{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [الرعد: 5]

وقال:{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا } [الأحزاب: 64 – 67]وقال: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ } [غافر: 69 – 74]

وقال:{وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غافر: 6] وقال:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التغابن: 10] وقال:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ } [البقرة: 161، 162] وقال:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ } [فاطر: 36]

وقال:{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر: 71، 72] وقال:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ } [آل عمران: 4]

وقال: { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران: 12] وقال:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا } [النساء: 56] وقال:{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ } [المائدة:36ـ 37] وقال:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [يونس: 4]

وقال:{ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَت لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } [الحج: 19 – 22] وقال:{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (23) } [العنكبوت: 23] وقال:{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ} [النحل: 88]

وقال: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [الحشر:16ـ 17]

وقال: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217] وقال:{وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [الشورى: 26]

وقال:{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [النحل: 106 – 109]

وقال:{وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} [الإسراء: 97، 98] وقال:{فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (} [آل عمران: 56]

وقال:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [آل عمران: 91]

وقال:{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } [الأعراف: 50، 51]

وقال:{قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)} [النحل: 27 – 29]

وقال:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140] والآيات في هذا كثيرة جدا.

ثانيا: هذه الآيات القطعية التي لا تحتمل التأويل بوجه من الوجوه جاءت على جهة الإخبار، فإذا قال قائل: الكفار ليسوا في النار؛ فقد كذّب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك ردّة عن دين الله تعالى!

ثالثا: علّق الله عز وجل الحكم ( وهو العذاب ودخول النار) على وصف مشتق ( هو الكفر) والحكم إذا علّق على وصف مشتق دلّ ذلك على أنه علّته؛ فعلم به أن العذاب ودخول النار مرتب على الكفر، فإذا وجد الكفر كان العذاب ودخول النار؛ فإن الحكم يدور مع علته، وعلى من قال بخلاف ذلك الدليل، وعلى كلام د.العوضي العلة موجودة ( وهي الكفر) والحكم متخلف عنها ( وهو العذاب ودخول النار)؟!

رابعا: الحكم على الكفار على جهة العموم بأنهم في النار بموجب هذه النصوص إجماع بين أهل العلم، والخلاف إنما هو في الكافر المعين ـ الذي لم يرد بخصوصه نص كأبي لهب وأبي طالب ـ هل يقطع له بالنار أو لا؟ وليست هذه المسألة محل الكلام ـ هنا ـ لأن كلام د.العوضي يتعلق بالحكم على الكفار على جهة العموم، وليس على الأعيان؛ فخالف العوضي هذا الإجماع بلا برهان.

خامسا: بموجب هذه النصوص العامة فإن كل كافر في النار إلا من كان معذورا عند الله جل وعلا، وهذا أمر لا يمكن معرفته إلا عن طريق الدليل السمعي (الوحي)، وأما التخرصات والتخمينات والعقليات فليس لها مجال في هذا البتة، والقول بأن الكفار في النار أصل محكم لا يجوز العدول عنه، وأما عفو الله عن بعض الكفار في الآخرة لما يعذرون به فهو أمر أخروي متعلق بالأعيان، لا يمنع من بقاء العام على دلالته، وتكون هذه الأفراد مستثناة من العموم في الآخرة فحسب؛ وعلى هذا فإطلاق القول بأن الكفار في النار هو الحق الذي لا مرية فيه.

سادسا: النصوص في وعيد الكفار بالنار جاءت بصيغ العموم المعروفة؛ وكلام د. العوضي يصيّرها من العام الذي أريد به الخصوص بما ذكره من أحوال، وهذا يحتاج منه إلى إقامة الدليل على ذلك، وليس عنده دليل، بل الدليل على خلافه، وهي النصوص المتقدمة الدالة على العموم بأصل الوضع.

وإذا تقرر أن هذه النصوص أريد بها العموم تبيّن أن قوله باطل؛ إذ جعل الأقل هو الأصل، والأكثر هو المستثنى، وتبيّن أن الذي لا يعرف دلالات الألفاظ لا يجوز له أن يتكلم في النصوص الشرعية؛ فيخبط فيها خبط عشواء، ويقول فيها على الله بلا علم ؟!

سابعا: أن قوله هذا بناه على أصل المرجئة القائلين بأن الكفر لا يكون إلا بالجحود والتكذيب، بل صرح في كلمته بأن الكفر لا يكون إلا بالجحود والعناد فحسب، وهو قول باطل كما هو مقرر عند أهل السنة والجماعة.

هذا ما تيسر إيراده في بيان عدم صحة هذا الأصل الفاسد الذي ذكره د. العوضي نصحا له خاصة وللمسلمين عامة، سائلا الله تعالى أن يوفقنا لهداه، ويثبتنا على دينه، ويشرح صدورنا للحق؛ إنه سميع مجيب.

كتبه/ عبد العزيز بن محمد السعيد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

1438/6/4هـ


شارك المحتوى: