يتناقل الحزبيون مقطعًا للشيخ صالح الفوزان في أنه يُحذِّر من الجرح والتعديل ويذكر أنَّ زمنه انتهى مع المُحدِّثين، فما توجيه كلامه؟


يقول السائل: يتناقل الحزبيون مقطعًا للشيخ صالح الفوزان في أنه يُحذِّر من الجرح والتعديل ويذكر أنَّ زمنه انتهى مع المُحدِّثين، فما توجيه كلامه؟

الجواب:
إنَّ ما ذكرهُ السائل من أنَّ لشيخنا العلامة صالح الفوزان -حفظه الله تعالى- مقطعًا يذكر فيه أنَّ الجرح والتعديل انتهى بانتهاء المُحدِّثين، هذا موجود، وما ذكره السائل من أنَّ أقوامًا من الحزبيين استغلوا هذا المقطع واستغلوا وجوده فنشروه ليدافعوا عن رموزهم من رموز الإخوان المسلمين والتبليغيين وغير ذلك، كالدفاع عن حسن البنا وسيد قطب، إلى كثير من رموز الحركيين السعوديين وغير السعوديين، هذا موجود، لكنه سعيٌ فاشلٌ منهم، ولو كانوا لله مُتَّقين وللحقيقة مُبتغين لما فعلوا مثل هذا، وذلك يتضح بأوجهٍ أذكر بعضها باختصار:

الوجه الأول: الجرح والتعديل بالمعنى الذي يذكرهُ شيخنا العلامة صالح الفوزان انتهى، وقد صدق -حفظه الله تعالى-، انتهى بانتهاء رواية الأحاديث وكتب الرواية، إلى غير ذلك، وكلامه هذا شيءٌ والرد على المُبطلين والمفسدين شيءٌ آخر.

الوجه الثاني: الردُّ على أهل البدع والمُفسدين دينيًا ودنيويًا واجبٌ، وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- كما في مجموع الفتاوى (28 / 219) الإجماع على الرد على أهل البدع وأنه لا غيبة لهم، وتوارد أئمة السنة على بيان ذلك، وكلامهم كثير في وجوب الرد على أهل البدع وأنه لا غيبة لهم، وقد سبق بسطُ ذلك في مواضع أخرى وفي أجوبة سابقة.

الوجه الثالث: ذكر ابن رجب -رحمه الله تعالى- في كتابه (الفرق بين النصيحة والتعيير) أنَّ الكلام في الرجال تصحيحًا وتضعيفًا وتعديلًا وتجريحًا من الرواة والمحدثين جائزٌ بالإجماع، ثم ذكر بعد ذلك أنَّ الكلام في دعاة الباطل ومن يجب الكلام عليهم ممن عندهم سوء وغير ذلك، أنَّ هذا واجبٌ بالإجماع وأنه مستمر ولا ينقطع بالإجماع.

الوجه الرابع: أنَّ مما يدلُّ أنَّ شيخنا العلامة صالحا الفوزان -حفظه الله تعالى- لا يريد ما يذكره الحزبيون من عدم الرد على المخالفين، أن واقع شيخنا خلاف ذلك، فإنَّ له ردودًا كثيرة على المخالفين، وقدَّم كتبًا في الرد على دعاة الباطل والسوء، ومن ذلك كتاب (الإرهاب) للعلامة زيد بن هادي المدخلي-رحمه الله-، فقد ذكر فيه رؤوسًا من الحركيين السعوديين وغيرهم، بل ذكر من الإخوان المسلمين إلى غير ذلك، وقدَّم له شيخنا العلامة صالح الفوزان وأثنى على الكتاب.

وكذلك عرض الشيخ جمال فريحان -رحمه الله تعالى- أسئلةً منهجية على الشيخ صالح الفوزان، فأجاب عليها، ثم علق الشيخ في الحاشية وسمَّى بعض الحزبيين المعروفين، فقدَّم له الشيخ صالح الفوزان، فشكَّك الناس في الحاشية، ثم قدَّم له الشيخ صالح الفوزان مرةً ثانية وبيَّن أنه مُطَّلع على ما في الحاشية، والكتاب باسم: (الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة).

وكذلك كتب الشيخ الدكتور عصام السناني كتابًا بعنوان: (براءة علماء الأمة في تزكية أهل البدعة والمذمة)، جمع فيه كلام العلماء كالشيخ العلامة عبد العزيز بن باز، والشيخ العلامة الألباني، والشيخ العلامة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- والشيخ العلامة الفوزان -حفظه الله تعالى- في التحذير من سيد قطب، وكلامهم شديد على سيد قطب، وراجع الكتاب الشيخ صالح الفوزان وقدَّم له، وحشَّى ببعض الحواشي المفيدة.

فها هو شيخنا صالح الفوزان كثيرُ الكلام على هؤلاء الحزبيين وعلى أهل البدع بصفةٍ عامة ولم يتوقَّف في الكلام عنهم بحجة أنَّ الجرح والتعديل قد انتهى، إذَنْ هو يريد بهذا ما تقدم ذكره من الجرح والتعديل في باب الرواية، وقد سبق الكلام على هذا، وفي ثنايا بعض الكلام يريد من يتكلم في الناس بغير حق، أما الكلام في الناس بحق ودليل وبيِّنة وبرهان فهو إمامه وهو مُقدمه وهو من سبق إلى ذلك وشجع الناس بأن قدَّم لهم، أسأل الله أن يُطيل عمره على طاعته وألا يُحرمه الأجر.

وإذا تيسَّر -إن شاء الله تعالى- يُلحق بهذا الجواب مقطعٌ في جواب سؤالٍ لشيخنا صالح الفوزان حول هذا الموضوع، وأنَّ أحد طلبة العلم يجمع أخطاء بعض الدعاة في شريط ويرد عليهم، هل هذا من النصيحة؟ قال: بلى، هو من النصيحة …إلى آخر كلامه كما ستسمعه -إن شاء الله تعالى-.

أسأل الله أن يُعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.

1056_1


شارك المحتوى: