رسالة عاجلة لم يحملها البريد إلى جبهة النصرة خاصة وإلى كل من ينتمي للقاعدة عامة .


بسم الله الرحمن الرحيم


هذه رسالة تتضمن نصيحة وتذكيرا ، أوجهها إلى جميع أفراد منتسبي جبهة النصرة ، لعل وعسى أن يهديهم الله إلى صراطه المستقيم ، وأن يردهم إلى المنهج الصحيح ردا جميلا ، ويبصرهم بحقيقة تنظيم القاعدة ، ولا يشك أدنى عاقل أن جبهة النصرة إمتداد لتنظيم القاعدة ، وهذا ما صرح به محمد الجولاني القيادي لجبهة النصرة ، وقد جدد البيعة لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري !!! فإني أُذكِر السوريين أهل الشام وأخص الكتائب والجيش الحر أن يتحدوا وأن يكونوا على قلب رجل واحد ، كما كنتم من قبل على ذلك ، قبل أن يتيكم تنظيم القاعدة إلى دياركم ، فمزقكم كل ممزق ، فنصيحتي إلى كل من ينتمي لجبهة النصرة ، إنما أعظكم باثنتين أن تسلكوا سبيل المؤمنين الذين سلكوا سبيل المهاجرين والأنصار بإحسان وهم أهل العلم والبصيرة الذين هم ورثة الأنبياء وأن تلزموا غرزهم ، والثانية : أن تعلنوا البراء من تنظيم القاعدة لأن ضرره أكبر من نفعه وذلك من عدة أوجه :

الوجه الأول : مؤسسوا هذا التنظيم لا يُعْرٓف لهم قدم راسخ في العلم البتة ، فمثلا أيمن الظواهري الذي يقود هذا التنظيم وهو المرجع لهم ، ليس من أهل العلم ولم يُعرٓف أنه أخذ العلم من أحد العلماء ممن يوثق بعلمه كالألباني وابن باز وابن عثيمين والفوزان وغيرهم ، فأيمن الظواهري نكرة عند العلماء وطلاب العلم ، فكيف يقود الناس ويوجههم ؟ !! وكيف يستنبط الأحكام ؟ !!! وكيف يتصدى لأمور كبيرة ، ونوازل عظيمة؟!!! لا يحيط بها إلا أهل العلم ، ولو عُرضتْ على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر ، وقد كان السلف الصالح يفرون من الفتيا لخوفهم من الله ، وكل واحد منهم يحيلها إلى الآخر ويتمنى أن أخاه كفاه ، وأما تنظيم القاعدة يتدافعون ويتسابقون إليها ويصدرون الأحكام ولا يعلمون خطورة الفتوى ، وهذا حال أيضا دعاة الثورة أهل التويتر كسلمان العودة وشافي العجمي وغيرهما الذين يحثون الشباب إلى الجهاد والذهاب إلى سوريا وهم يحرصون على أبناهم وعلى دراستهم وعدم الذهاب للجهاد ، والعجيب أنهم يريدون الجنة والشهادة للناس ولا يريدونها لأنفسهم ولا لأبناهم ، يقول عبدالرحمن ابن ابي ليلى أدركتُ مائة وعشرين من الأنصار وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسأل أحدهم عن المسألة فيردها هذا الى هذا وهذا الى هذا حتى ترجع إلى الأول وما منهم من يحدث بحديث إلا ود أن أخاه كفاه إياه ولا يستفتى عن شي إلا ود أن أخاه كفاه إياه ) . فالصحابة والتابعون ومن بعدهم علموا علم اليقين أن الفتيا بغير علم كذبٌ على الله ولذلك تورعوا عن الفتوى ، وأيمن الظواهري يتصدى’ للنوازل وللمسائل العظام وهو ليس أهلا لذلك ولم يكن من أهل العلم حتى ينال إرث الأنبياء لقوله صلى الله عليه وسلم العلماء ورثة الأنبياء فأهل العلم هم أهل الفقه والبصيرة والاستنباط وهم الذين يخشون الله بنص القرآن كما قال تعالى ( إِنَّمَا يَخْشَى’ اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) والقاعدة تفتقر إلى العلم الشرعي الصحيح الموافق للكتاب والسنة على فقه سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم بإحسان ، وهذا الذي جعل تنظيم القاعدة يتخبط بالدماء والقتل باسم الجهاد لأنهم سفهاء أحلام حدثاء الأسنان ، ولا يبالون بتكفير المسلمين والحكم عليهم بالردة وأنه يجب سحق الصحوات وأن قتالهم مقدم على قتال اليهود والنصارى لأنهم أهل ردة كما تقول -داعش – فهو تنظيم لا يفقه فقه المصالح والمفاسد ولا يحسن إلا لغة التكفير والردة فتراهم يكفرون فيئام من الناس ويحكمون عليهم بالردة بمجرد أنه وقع في كفر أو دون ذلك مما جعلهم يستحلون دماء وأعراض وأموال من خالفهم ، فلغتهم التكفير والقتل من غير النظر والتمعن في شروط التكفير وموانعه ، بل إن تنظيم القاعدة عندهم إذا لم تكن معي وتناصرني وتأيدني فأنت ضدي وإذا كنت ضدي فأنت ضد توسع الدولة الإسلامية فلسان حالك إذن يدل على كراهيتك للدولة الإسلامية وانتشارها ، فتكون كافراً حلال الدم ، بل يكفر بعضهم بعضا كما حصل لداعش دولة العراق والشام وجبهة النصرة ، مع أنهما صنوان يسقى’ بماء واحد ، لقد بلغ تنظيم القاعدة في الغلوي ذروته ، وذلك بسبب الجهل وبعدهم عن تلقي العلم والفقه في الدين على أيدي أهل العلم الموثوقين بعلمهم ودينهم ومنهجهم . فمنهج تنظيم القاعدة يسير على طريقة من قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم اعدل يا محمد فإنك لم تعدل ، واتق الله فإنها قسمة ما أريد بها وجه الله !! ) ولو قلت هذه الجملة ، التي هي في حق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كفر ، لأحد من تنظيم القاعدة لحكموا عليك بالردة وإباحة دمك ؛ فكيف لو أدركوا فعل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه ماذا سيفعلون به ؟!!!! .

الوجه الثاني : على جبهة النصرة أن تأخذ العبرة من أختها داعش دولة العراق والشام التي تنتمي لتنظيم القاعدة فقد وجهت سلاحها وقوتها في نحر جبهة النصرة والكتائب الأخرى ، بل كفروهم واستحلوا دمائهم والسبب في ذلك يعود إلى الجهل بالدين والسير على منهج منحرف وهو منهج الخوارج ، الذي هو بعيد كل البعد عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا لم تتدارك وتسارع جبهة النصرة إلى الرجوع إلى منهج السلف الصالح ، وتراجع نفسها ، لأن الحكمة ضالة المؤمن ، وترجع إلى العلماء الرابانيين وتلزم غرزهم وإلا ستكون مثل داعش أو أشد ، لأنهما على فكر واحد يسقى من ماء صديد متلوث الفكر ولا يكاد المسلم العاقل أن يتجرعه ولا يسيغه ، لأنه منبع ظاهره الرحمة ، وباطنه من قبله العذاب ، فمنهجهم ضلال وتناحر واستحلال دماء المسلمين ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة لكي لا يتأثروا بما يشاهدونه من عبادة الخوارج وإظهار شعائر الدين من صلاة وصيام وقيام ، قال ( يحقر أحدُكُم صلاتٓه لصلاتهم وصيامه لصيامهم ) ولذلك أنصح جبهة النصرة أن تتخلى عن منهج تنظيم القاعدة ، وتعلن البراء وتبتعد عنهم ، فإن المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخَالِل . وكما قال الشاعر الحكيم ( لا تصحبن أخ الجهل و إياك و إياه *** فكم من جاهل أردى حليما حين آخاه ) .


الوجه الثالث : منهج تنظيم القاعدة ليس منهجاً إصلاحياً بل هو منهج فساد وسُلَّم يسهل على كل من أراد هدم الإسلام ، أو قتل المسلمين وإباحة دمائهم ، أن يتسلقه بحجة القضاء على الإرهاب ، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله : ليس العبرة بالثورة والانفعال ، ولكن العبرة بالحكمة ، ولستُ أريد بالحكمة أن نسكت على الخطأ ، ولكن نعالج الخطأ لنصلح ، لا لنغير الأوضاع ، ولكن لنصلح الأوضاع ، فالناصح هو الذي يتكلم ليصلح الأوضاع لا ليغيرها ) .


الوجه الرابع : المتتبع لتنظيم القاعدة ليس فيهم ولا بينهم أحد من أهل العلم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبْقِ عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) رواه البخاري ، ثم إن أهل العلم أجمعوا على ضلال وانحراف هذا التنظيم كالعلامة الالباني وابن باز وابن عثيمين وعلامة أهل اليمن مقبل الوادعي والعلامة صالح الفوزان ووشيخ صالح اللحيدان وغيرهم من أهل العلم ، فوالله لا أعلم أحدا من أهل العلم إلا وقد حذر من هذا المنهج المنحرف وهو إجماع من العلماء وهذا يدل دلالة واضحة من دون أي شك لمن في قلبه تردد أن تنظيم القاعدة بعيد عن الصواب وسبيل لمن أراد التربص بالمسلمين وذلك مصداق لقول رسول الله – صلى الله عليه و سلم – ( إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة ) رواه الترمذي وقد حسنه الألباني . فيمتنع غاية الإمتناع أن الله يجمع العلماء على خطأ وعلى ضلال وهذا يدل على أن ما قالوه في تنظيم القاعدة حق وصواب ، أن تنظيم القاعدة يحمل في طياته ضلال وانحراف وابن عباس رضي الله عنه استدل على ضلال الخوارج وبعدهم عن الصواب بعدم وجود صحابي بينهم من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نسأل الله لنا ولهم الهداية والتوفيق والحمدلله رب العالمين .


كتبه / فيحان الجرمان .


شارك المحتوى: