المجموعة (1041)


 

يقول السائل: إذا قام مسؤولو مركز ما الذين كانوا سلفيين بالمشاركة بمؤتمر الوحدة والتعاون مع جماعة الإخوان والأحباش والتبليغ، واتفقوا على عدم التصنيف، بمعنى ليس هناك إخواني ولا تبليغي ولا سلفي، وأيضًا حصل منهم الثناء على من يقول بأنه صوفي ويدعو إلى الصوفية، هل الخلاف معهم عقدي أم اجتهادي؟ وما الفرق بين العقيدة والمنهج؟ وفقكم الله. السائل من أثيوبيا.

الجواب:
هذا السؤال وأمثاله كثير، والحاجة إلى معرفة جوابه مهم، لأن الجهل بجوابه والعمل بخلاف معتقد ومنهج أهل السنة في مثله خطير للغاية، وأضراره عظيمة، والكلام عليه يطول لكن أختصر الكلام اختصارًا كما هو عادة الأجوبة في أمثال هذه.

أولًا ينبغي أن يُعلم أن العلماء إذا قالوا: “المنهج” وقالوا “العقيدة” ليس معناه أن المنهج شيء مخالف للعقيدة، بل المنهج من العقيدة، فقد اشتهر اطلاق المنهج على معاملة الحكام وعلى عدم الخروج عليهم وغير ذلك، وهذا من صلب الاعتقاد وهو مذكور في كتب الاعتقاد، بل كتب الاعتقاد قد تواردت على ذكره، ومثل ذلك عداء أهل البدع، فإنه من المنهج وقد كثُر ذكره في كتب الاعتقاد، وإنما سمي بالمنهج في هذا العصر لوجود البدع الحركية الجديدة بهذه الصورة، وإلا هي موجودة من قبل، فكثُر كلام أهل السنة على هؤلاء وسموه بالمنهج إلى غير ذلك.

فالمقصود أن هذه المسائل مسائل عقدية وفيها ولاء وبراء، وفيها تبديع …إلخ، كما هو مقرر في كتب الاعتقاد ومن شاء المزيد فليرجع إلى كتب الاعتقاد.

أما مجالسة أهل البدع فهو خطأ عقدي، وقد دلت الأدلة على ضلاله وخطئه من الكتاب والسنة وتوارد العلماء على بيان ذلك، وقرره علماء السلف في كتب الاعتقاد وبيَّنوا أن مجالستهم بدعة، إلى غير ذلك، وممن أطال الكلام على هذا ابن بطة في كتابه (الإبانة الكبرى) وحذر من مجالسة أهل البدع في كتب الاعتقاد الإمام أحمد في أصول السنة، إلى غير ذلك من أئمة السنة.

وينبغي أن يُعلم أن مجالسة أهل البدع ولو على غير بدعهم هو محرم، وقد دلت الأدلة على ذلك:

الدليل الأول: قال تعالى: ﴿ لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ﴾ الآية، استدل بهذه الآية الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في هجر أهل البدع وعدم مجالستهم، ذكر هذا الشاطبي في كتابه (الاعتصام).

الدليل الثاني: أخرج البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي ﷺ قال: «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم»، وقد استدل بهذا أهل السنة على وجوب حذر أهل البدع والتحذير منهم، وممن استدل بهذا الإمام أبو عثمان الصابوني في كتابه (عقيدة السلف أصحاب الحديث.

أما إجماعهم فقد ذكروه في كتب الاعتقاد كما تقدمت الإشارة إلى ذلك، فأهل السنة مجمعون عليه وقد قرروه في كتب الاعتقاد، فهذا أصل ينبغي أن يُعتنى به وهو وجوب هجر أهل البدع وعدم جواز مجالستهم ولو كانوا يتكلمون في غير البدعة، ومن تساهل في هذا فقد وقع في أمر خطير للغاية من جهة أن فيه إضرارًا على الناس وتغريرًا بهم، بحيث إنهم إذا رأوا أهل السنة يجالسون أهل البدعة اغتروا بهم وأحسنوا الظن بأهل البدع، ومن ذلك أن أهل السنة أنفسهم يضعفون، أما كبارهم فيبدأون في مجاملة كبار أهل البدع فيقل الكلام في هذا الباب أو ينعدم، وأما شبابهم وصغارهم فإنهم يجهلون فينخرطون في البدع فيخرجون من السنة إلى البدعة.

لذا كلمات السلف عظيمة في ذلك، ذكر ابن بطة في كتابه (الإبانة الكبرى) عن الأوزاعي أنه قيل له: إن رجلًا يجالس أهل السنة ويجالس أهل البدعة، قال: هذا يريد أن يساوي بين الحق والباطل. وروى عن ابن عون أنه قال: من يجالس أهل البدع أشد علينا منهم. وروى ابن بطة عن الإمام أحمد أنه قال: لا تجالسوا أهل الكلام وإن ذبوا عن السنة.

تأملوا هذه الآثار العظيمة، ومن أراد المزيد فليرجع إلى الموسوعة الكبيرة في الاعتقاد وهو كتاب (الإبانة الكبرى) للإمام ابن بطة -رحمه الله تعالى- وقد حكى إجماع السلف على حرمة مجالسة أهل البدع، بل إن السلف جعلوا مجالسة أهل البدع معيارًا يُعرف به حال الرجل هل هو سني أو بدعي، فإذا أشكل عليك حال رجل أهو سني أم بدعي فانظر إلى جلسائه ومن يجالس.

روى ابن بطة عن سفيان الثوري أنه دخل البصرة فسأل عن الربيع بن صبيح، فقالوا: عالم سنة. قال: من جلساؤه؟ قالوا: القدرية. قال: هو قدري.
وروى عن محمد بن عبيد الغلاب أنه قال: كان يُقال يتكاتم أهل الأهواء كل شيء إلا الألفة والصحبة.

إذن يا إخواني ينبغي أن نحذر من هذا غاية الحذر وأن نكون حذرين وعن هذا الضلال المبين نافرين لئلا تزل بنا الأقدام فنهلك، أسأل الله أن يثبتني وإياكم على التوحيد والسنة.

1041


شارك المحتوى: