طالب يحفظ عمدة الأحكام، ماذا يحفظ بعده؟ الموطأ، أو بلوغ المرام، أو منتقى الأخبار؟

د. عبدالعزيز بن ريس الريس

يقول السائل: طالب يحفظ “عمدة الأحكام”، ومحتار هل يحفظ بعده “الموطأ” و”بلوغ المرام”، أو “ملتقى الأخبار”، أيهما أفضل؟

يُقال جوابًا عن هذا السؤال: الذي يظهر لي -والله أعلم- أن الأفضل لمن أراد أن يحفظ متنًا حديثيًا هو أن يحفظ “بلوغ المرام”، فهو أولى ما يُحفَظ، والله أعلم لاسيما بعد حفظ “عمدة الأحكام”، وهو أنفع من حفظ “منتقى الأخبار”، أو من حفظ”الموطأ”.

أما “منتقى الأخبار” للمجد ابن تيمية رحمه الله تعالى، فهو مختلف عن “بلوغ المرام” من جهة أنه يدلِّل للمذهب، لذلك قد يأتي على المسألة الواحدة بأكثر من دليل ليدلل عليها.

فالمقصد منه – والله أعلم- هو التدليل للمذهب، وإذا اختلف المذهب مع الجمهور في مسألة استطرد في ذكر هذه الأدلة، بخلاف “بلوغ المرام”، فإن المقصد منه هو تلخيص أدلة الأحكام لتُحفَظ، وكأنه جمع ما تيسر من الأدلة التي اشتهر استدلال المذاهب الأربعة بها.

هذه مزية مهمة تميز “بلوغ المرام” على غيره من المتون في الحفظ.

ثم فيه مزية أخرى، وهو أن الحافظ رحمه الله تعالى يقتصر على الشاهد من الحديث، وأحيانًا قد يختصر الحديث، وهذه بخلاف “المنتقى”، فإنه يأتي بالحديث طويلًا، وقد يكون الشاهد فيه كلمة.

فلذلك اقتصار الحافظ رحمه الله تعالى على الشاهد مسهل للحفظ .

وأيضًا يتميز “البلوغ” بأن مؤلفه عالم في علم الحديث، فلذلك: لأحكامه على الأحاديث منزلة، وهو في كثير من الأحاديث يحكم عليها، أو ينقل كلام العلماء في الحكم عليها، وهذا هو أكثر حال الأحاديث في “بلوغ المرام”.

وهذا بخلاف “المنتقى” فإنه وإن وُجِد حكم على الأحاديث، لكنه ليس في كثرته كالحكم على الأحاديث في “بلوغ المرام”، وليس المجد ابن تيمية كالحافظ ابن حجر في قوته في علم الحديث، إلى غير ذلك من المرجِّحات.

لذا؛ حفظ “بلوغ المرام” أنفع بكثير من حفظ “المنتقى” للمجد ابن تيمية رحمه الله تعالى.

أما كتاب “الموطأ” فهو كتاب نافع وأسانيده عالية، لكنه مع ذلك ليس كـ”بلوغ المرام” لمن أراد أن يحفظ أدلة الأحكام، لما تقدم ذكره من أن الحافظ رحمه الله تعالى يأتي بالشاهد في الحديث، ولا يأتي بالحديث بطوله، وهذا بخلاف الموطأ.

وأيضًا الحافظ رحمه الله تعالى يأتي بالأدلة التي اشتهر الاستدلال بها عند أصحاب المذاهب الأربعة، وهذا خلاف الموطأ إلى غير ذلك من المزايا الموجودة في بلوغ المرام.

والذي أنصح به من أراد أن يحفظ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم هو أن يحفظ “عمدة الأحكام”، ثم “بلوغ المرام”، ثم “رياض الصالحين”.

وحفظ هذه المتون الثلاثة نافع للغاية، ومن قصرت به همته ولم يرد أن يحفظ هذه الكتب الثلاثة وأراد أن يقتصر على كتاب واحد، فاقتصاره على كتاب “بلوغ المرام” نافع للغاية، وهو أنفع من حفظ غيره والله أعلم.


شارك المحتوى: