يقول أنس-رضي الله عنه-: “أن النبي -صلى الله عليه وسلم- منع من الحجامة من أجل الضعف”، فهل كُلُّ ما يسبِّب الضعف فهو مفطِّر؟


يقول السائل: يقول أنس-رضي الله عنه-: “أن النبي -صلى الله عليه وسلم- منع من الحجامة من أجل الضعف”، فهل كُلُّ ما يسبِّب الضعف فهو مفطِّر؟

يُقَالُ جوابًا عن هذا السؤال: إنَّ ما ذكره أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- منع من الحجامة من أجل الضعف، هذا – والله أعلم- حكمة، وليس علة، وفرق في الشريعة بَيْنَ الحِكْمَة والعِلَّة، فإنَّ العِلَّة يدور معها الحكم وجودًا وعدمًا بخلاف الحِكمَة؛ فإنها من معاني التشريع، لكن الحكم ليس معلقًا بها.

فمثلًا القصر في السفر الطويل لأجل السفر، فالعِلَّة أنه سفر طويل، فإذا وُجِد السفر الطويل وهو بمسافة أربعة بُرْدٍ، كما أفتى بذلك ابن عباس وابن عمر فيما علقه البخاري جازمًا به عنهما، أي: بما يعادل تقريبًا ثمانين كيلو متر، مَن أراد أن يسافر هذا السفر، وما زاد على ذلك، فإن له أوَّل ما يسافر عند مفارقة البنيان أن يقصر، وأن يجمع، وأن يفطر.

القصر والجمع والفطر في السفر الطويل هو لِعِلَّةِ السفر الطويل، والحِكمَة هي المشقَّة، فلو قُدِّر أن مسافرًا سفرًا طويلًا لم يجد مشقَّة؛ فإنه يقصر ويترخَّص برُخَص السفر؛ لأنَّ المشقة حِكمَة وليست علة.

وكذلك لو قُدِّر أن رجلًا غير مسافر كان في حالة مشقة فإنه لا يقصر ولا يجمع؛ لأن المشقة ليست علة، وإنما حكمة كما تقدَّم، فهي من أسباب القصر لكن الحُكْمَ لم يعلَّق بها، وإنما القصر والجمع والفطر للمسافر إنما شُرِع إذا وُجِد السفر الطويل، وهو مسافة أربعة بُرْدٍ.

فكذلك يقال: إن الضعف مِن الحِكَم التي من أجلها يُشرَع الإفطار، لكنها ليست عِلَّة، وإنما المفطِّرات معلومة وقد سبق شرحها.


شارك المحتوى: