من أسباب نجاح الأسرة والدولة


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]

أما بعد:

فإن من أعظم أسباب نجاح الحياة الزوجية أن يقودها الرجل، فلا يصح للمركبة قائدان، ولا للسفينة قبطانان، ولا يجتمع سيفان في غمد واحد، وقد جعل الله زمام الأمور بيد الرجال، قال تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34] .

 

ولما اختلّ هذا النظام الإلهي الطبعي في بلاد الغرب تفككت الأسر ثم المجتمع، فانفلتت الأمور، ولشيخ الإسلام كلام عظيم في مثل هذا ، قال رحمه الله في مجموع الفتاوى (32/ 261):

 

المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها وطاعة زوجها عليها أوجب قال الله تعالى: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة؛ إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك}. وفي صحيح أبي حاتم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت}

 

– ثم قال: – “وعن طلق بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {أيّما رجل دعا زوجته لحاجته فلتأته ولو كانت على التنور} رواه أبو حاتم في صحيحه والترمذي، وقال حديث حسن، وفي الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبانا عليها: لعنتها الملائكة حتى تصبح}.

والأحاديث في ذلك كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقال زيد بن ثابت: الزوج سيد في كتاب الله وقرأ قوله تعالى {وألفيا سيدها لدى الباب} . وقال عمر بن الخطاب: النكاح رقّ فلينظر أحدكم عند من يرقّ كريمته. وفي الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عندكم عوان} فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة.

 

وإذا أراد الرجل أن ينتقل إلى مكان آخر مع قيامه بما يجب عليه وحفظ حدود الله فيها ونهاها أبوها عن طاعته في ذلك: فعليها أن تطيع زوجها دون أبويها؛ فإن الأبوين هما ظالمان؛ ليس لها أن ينهياها عن طاعة مثل هذا الزوج وليس لها أن تطيع أمها فيما تأمرها به من الاختلاع منه أو ضاجرته حتى يطلقها: مثل أن تطالبه من النفقة والكسوة والصداق بما تطلبه ليطلقها فلا يحل لها أن تطيع واحدًا من أبويها في طلاقه إذا كان متقيًا لله فيها. ففي السنن الأربعة وصحيح ابن أبي حاتم عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة»، وفي حديث آخر «المختلعات والمنتزعات هن المنافقات»، وأما إذا أمرها أبواها أو أحدهما بما فيه طاعة الله: مثل المحافظة على الصلوات وصدق الحديث وأداء الأمانة ونهيها عن تبذير مالها وإضاعته ونحو ذلك مما أمر الله ورسوله أو نهاها الله ورسوله عنه: فعليها أن تطيعهما في ذلك ولو كان الأمر من غير أبويها.

 

فكيف إذا كان من أبويها وإذا نهاها الزوج عما أمر الله أو أمرها بما نهى الله عنه: لم يكن لها أن تطيعه في ذلك؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، بل المالك لو أمر مملوكه بما فيه معصية لله لم يجز له أن يطيعه في معصية فكيف يجوز أن تطيع المرأة زوجها أو أحد أبويها في معصية فإن الخير كله في طاعة الله ورسوله والشر كله في معصية الله ورسوله.”.

 

وبعد هذه الأدلة من نقل شيخ الإسلام ابن تيمية يعلم أهمية طاعة المرأة لزوجها، وأنه سبب فلاحها في الدنيا والآخرة، وسبب رئيس لنجاح الأسرة، الذي يترتب عليه نجاح المجتمع والدولة .

 

اللهم وفقنا لما يرضيك، وأعنّا على ما فيه صلاحنا في الدنيا والآخرة .

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد:

 

فإنه إذا كان الزوج بهذه المرتبة العالية في الأسرة؛ فليعرف لهذه المرتبة قدرها، ولهذه المسؤولية وزنها، فليسر بمركبة الأسرة خير مسيرة وليعرف للزوجة والأولاد قدرهم فيجتهد على نصحهم وإصلاح حالهم، التلطف معهم، وترك ظلمهم، وليستفد من نصحهم ومشورتهم، وليتذكر أنه داخل فيما أخرج الشيخان عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد استرعاه الله رعية، فلم يحطها بنصيحة، إلا لم يجد رائحة الجنة».

 

وأخيرًا .. كم حاول الغرب إفساد الأسرة باسم الحرية لتتمرد الزوجة على زوجها وتفسد حياتها وحياة أسرتها، كما حاولوا إفساد الشعوب باسم الحرية ليتمردوا على دولتهم وولاتهم فتحصل الفتنة وما لا يحمد عقباه.

 

فكونوا حذرين ولا تغرنّكم دعوة الباطل المزخرفة بألفاظ براقة وجذابة .

اللهم أصلح حالنا وحال المسلمين أجمعين .

 

اللهم أصلح حال المتزوجين وأسعدهم وجميع المسلمين

اللهم ولا أيم وأعزب إلا زوجته، ولا ضال إلا هديته

اللهم وفق ملكنا وولي عهده لما فيه رضاك وهداك

وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله .

 

د. عبد العزيز بن ريس الريس

المشرف على موقع الإسلام العتيق


شارك المحتوى: