ما وجه الجمع بين حديث: “سيكون بعدي أمراء يقولون ولا يفعلون …فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن…”، وأحاديث السمع والطاعة؟


يقول السائل: نرجو أن تبين لنا وجه الجمع في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سَيَكُونُ أُمَرَاءُ مِنْ بَعْدِي يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يَؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، لا إيمان بعده».صحيح مورد الظمآن.

بعض الأحاديث تأمر بالسمع والطاعة لأولي العلم، غير أنني وقفت على لفظ لمسلم وأحمد فلم أجد لفظ الأمراء، وقفت على لفظ ابن حبان والألباني في السلسلة الصحيحة وجدت لفظ “الأمراء” و”الخلفاء” و”الإنكار”، فوقفت على صحيح المورد فوجدت ما ذكرت؟

يُقال جوابًا عن هذا السؤال: قد أجاب العلماء على هذا الحديث بعدة أجوبة: أي على الحديث الذي ظاهره مجاهدة الأمراء باليد وغير ذلك.

يُقال جوابًا عن هذا السؤال الأول: أن الحديث ضعيف، وقد ذهب إلى هذا الإمام أحمد.

وقد ذكر أن الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يخالف الأحاديث الكثيرة في السمع والطاعة للحاكم، والصبر على جوره إلى غير ذلك، فيكون الحديث ضعيفًا، ولو كان ظاهر إسناده الصحة، لكن للمعارضة فإنه يكون منكرًا.

أما الجواب الثاني: فهو أن يحمل الحديث على إنكار المنكرات التي أتى بها الحكام، فلو أن هناك كأس خمر للحاكم، واستطاع مسلم أن يريق هذا الخمر من غير مفسدة أكبر، فإن له أن يفعل ذلك.

فإذًا المراد: ما خلفوه من المنكرات، فإنه يجوز إنكار هذا باليد، وليس المراد به الخروج على الحكام، وقد ذكر هذا الجواب ابن رجب في شرحه على الأربعين، وأظنه ذكره رواية عن الإمام أحمد، أي فيما خلفوه من المنكرات، ومثل هذا جائز إذا لم تترتب عليه مفسدة أكبر.

وهناك جواب ثالث، ذكره ابن الصلاح وجماعة: أن هذا الحديث محمول على الأمم السابقة، لا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

والجوابان الأولان أقوى وهما كافيان.

أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما عَلَّمَنا، وجزاكم الله خيرًا.


شارك المحتوى: