ما رأيك في تحقيقات عادل الحمدان لكتب الاعتقاد؟


يقول السائل: ما رأيك في تحقيقات عادل الحمدان لكتب الاعتقاد؟

يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن المحقِّق عادل الحمدان الغامدي، وأحيانًا يسمي نفسه بعادل الحمدان، وأحيانًا عادل الغامدي، وكثيرا ما يكتب اسمه عادل الحمدان، إن لهذا المحقق تحقيقات عدة على جمع من كتب الاعتقاد، كـ “الإبانة الكبرى” لابن بطة، وكتاب “السنة” لحرب الكرماني، وغيره من كتب السنة.

وهو يسير على منهج غريب في تحقيقه، والكلام عنه يطول، ولعلل الله أن يهيئ بأن يكتب شيء في هذا إن شاء الله تعالى، لكن أشير على عجالة إلى بعض الأمور، منها:

الأمر الأول: أن كل ما أورده السلف فهو صحيح، فالسلف إذا ساقوا بالإسناد عن صحابي أو تابعي أو غيره، فإنه يجعله صحيحا؛ لأنه لم يوردوه في كتب الاعتقاد إلا وهو صحيح.

وهذا خطأ ولا يصح أن يقر مثله؛ فإن من المقرر عند أهل العلم أن من أسند فقد أحالك، ومن أسند فقد برئ، ذكر هذا ابن عبد البر في أوائل “التمهيد”، وذكره غيره من أهل العلم، فالعلماء إذا ساقوا بالإسناد فقد برئوا.

وإن ما يذكره السلف في كتب الاعتقاد فإنه في الغالب لا يكون خطأ؛ لأنه لو كان خطأً لبينوه، إلا إذا كان هناك سبب آخر يستدعي أن يذكروا ما هو مخالف للاعتقاد، لكنهم في الأصل والغالب أنهم لا يذكرون شيئًا وهو خطأ من جهة الاعتقاد.

وإنما الذي يذكرونه يرجع إلى أحد أمرين، وهذا في الغالب إما أنه صحيح ويبنى عليه اعتقاد صحيح، وإما أنه لم يثبت، فمثله لا يعتقد، ولكن في المقابل لا يستنكر،

فالمقصود أنه بمجرد الذكر يجعله صحيحا ومعتبرًا وحجة، وهذا خطأ كما تقدم.

الأمر الثاني: أن عنده غلوًا في تحقيقاته مشابهًا لغلو من يسمى بالحدادية، فتراه يطعن في علماء الإسلام بطعنات فيها ألفاظ مجملة ومحتملة، ولا يراعي في ذلك الفرق بين الخطأ الجزئي والكلي.

ومن ذلك: أنه يتكلم في بعض علماء الإسلام إذا وقعوا في خطأ مجمل من ذلك أن أحدهم قال : لا نثبت لله مكانًا، ثم يقول: انظر إلى هذا العالم، كيف أخطأ، وخالف معتقد أهل السنة في عدم إثبات المكان لله.

ويقال ردًا على قوله: إن إطلاق المكان على الله هو إما أن يراد به العلو فوق المخلوقات، وإما أن يراد به المكان المخلوق.

فإذا نفى ذلك عالم سني سلفي فيحمل على المعنى الصحيح، وهو المكان المخلوق، لكن لا يحمل على نفي العلو، لاسيما وقد تجد لهذا العالم كتابا أو تحقيقات لكتب تثبت العلو لله، وأنه فوق مخلوقاته، والكلام على مثل هذا يطول.

الأمر الثالث: أنه ينقل نقولات للسلف يفهمها على غير بابها، ويعلق عليها أمورًا، بل ولا يراعي في ذلك ما جاء عن سلف هذه الأمة أو ما عرف من معتقدهم أو تقريراتهم العلمية حتى في مسائل الفقه.

وأذكر مثالًا على عجالة سريعة: أن الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله تعالى قرر أن ترك الصلاة كفر ثم قال: وعلى هذا الصحابة والتابعون إلى عصرنا هذا.

وهذا من إسحاق بن راهويه خطأ وهو إجماع مخروم؛ لأن من العلماء من عاصره وقد خالف في ذلك كالإمام أحمد، وأيضًا كالشافعي، ومنهم من كان قبله كمالك، إلى غير ذلك، وأعلى ما ذكر في ذلك كلام الزهري رحمه الله تعالى فيما رواه المروزي بسند صحيح، فإنه لم يكفِّر تارك الصلاة.

إذن إجماع إسحاق بن راهويه مخروم، وهذا يوجد لغيره من أهل العلم، فيوجد لأكثر من عالم يحكي إجماعا ويثبت أنه مخروم.

فالمقصود: أن إجماعه مخروم، فبناء على هذا ذهب إسحاق بن راهويه إلى أن من لم يكفر تارك الصلاة فهو مرجئ؛ لأنه يرى أن المسألة إجماعية.

فيأتي هذا المحقق ويقع في هذا ، فيفزع إلى كلمة إسحاق في إثبات أن لم يكفر تارك الصلاة فهو مرجئ، وهذا خطأ في فهم كلام أهل العلم، إن كلام إسحاق مبني على أنه يرى أن المسألة إجماعية، ولو كانت المسألة إجماعية لكان كلام إسحاق بن راهويه حقاً، والمسألة ليست إجماعية، بل ما حكاه من إجماع مخروم.

فما ذكره بأن من لم يكفر تارك الصلاة بأنه مرجئ مبني على قوله بأن المسألة إجماعية.

فالمقصود أن الكلام على مثل هذا يطول، ولعل الله أن ييسر شيئاً، يُكتب في هذا إن شاء الله تعالى.

فالخلاصة: لا أنصح بتحقيقاته؛ لأن فيها مغالطات، ومبالغات، وغلو، ونفس الحدادية -عافاني الله وإياكم.


شارك المحتوى: