ما إجابة أهل السنة عن حديث الأعمى في التوسّل، وقصة الاستسقاء بالعباس؟


ما إجابة أهل السنة عن حديث الأعمى في التوسّل، وقصة الاستسقاء بالعباس؟

 

أما التوسل فحديث عثمان رضي الله عنه قد تنازع العلماء أوَّلًا في صحته، فذهب جماعة إلى ضعفه كالشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الإمام محمد بن عبد الوهاب، وابنه عبد اللطيف، ومنهم من ضعَّفه محمد البشير السهسواني، والأظهر -والله أعلم- ضعفه هذا الجواب الأول.

الجواب الثاني: أنه على صِحَّته، ليس فيه دلالة على التوسل البدعي ولا الشركي من باب أولى، وإنما غاية ما في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشده أنه إذا صلى يدعو الله عز وجل، ويسأل الله أن يُشفِّع فيهم نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقول: يا ربي شَفِّع في نبيِّك صلى الله عليه وسلم ، وهذا خير، نحن نسأل الله عزوجل أن يشفِّع فينا نبينا صلى الله عليه وسلم، وليس هذا منكَر، المنكر أن يصرف عبادة للنبي صلى الله عليه وسلم بحُجّة الشفاعة أو الوسيلة، أو أن يتوسل بجاه النبيصلى الله عليه وسلم يقول: اللهم أني أسألك أن تغفر لي بجاه محمد صلى الله عليه وسلم ، أو بمكانته أو كذا أو كذا.

أما أن نسأل اللهعز وجل أن يشفِّع فينا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا خير، وهو طلب عظيم، أسأل الله أن يمُنَّ علينا جميعًا بشفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

أما قصة الاستسقاء بالعباس لما قال عمر فيما أخرج البخاري قال: «اللهم إنا كنا نتوسّل إليك بنبينا وتسقينا، وإنا نتوسل بك بعم نبينا فاسقنا»، فالمراد بدعاء العباس، وليس المراد بجاه العباس؛ لأنه لو كان المراد بهذا جاه العباس لكان الأولى أن يُستَسقى ويُتوسَّل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم حيًا كانوا يأتون إليه ويقولون: يا رسول الله ادعُ الله أن يغيثنا، فلما مات ما أتوا إلى قبره، وقالوا: يا رسول الله ادعُ الله أن يغيثنا، فذهبوا إلى عمه العباس، فقالوا: ادعُ اللهعز وجل أن يغيثنا، وفي هذا دلالة على مكانة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك عمر توسل بدعاء العباس، والشريعة قد جاءت لهم بمزية، كما أخرج مسلم من حديث زيد بن الأرقم قال: «أُذكِّركم الله في أهل بيتي»، فلأهل بيت النبي مزية رضي الله عنهم وأرضاهم.

وأهل السنة وسط، لا يغلون فيهم باعتقاد أنهم يعلمون الغيب، أو يتصرفون في الكون، أو يصرفون لهم عبادات، أو يتبركون بهم؛ وفي المقابل لا يجفونهم، ولا يعادونهم كما يفعل ذلك الناصبة، وإنما يعرفون لهم قدرهم ومنزلتهم وقرابتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

ففعل عمر مع العباس، قال: «ادع الله لنا»، وليس فيه أنه صرف له عبادة أو سأل الله بجاهه، فإنه لو كان يصح السؤال بالجاه لسأل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لما كان النبي صلى الله عليه وسلم حيًا كانوا يسألونه أن يدعو لهم، فلما مات سألوا عمَّه أن يدعو لهم.

أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمَنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمَنا، وجزاكم الله خيرًا.

 


شارك المحتوى: