فضل الصحابة وحادثة القديح

د. يوسف بن محمد السعيد

فضل الصحابة وحادثة القديح

إن الحمد لله … أما بعد :

فاتقوا الله عباد الله ، واعلموا أن الله تعالى اختار لنبيه ^ أصحابا أخيارا يحملون هذا الدين للأمة ويبلغونه، أثنى الله عليهم في كتابه في غير ماآية . قال تعالى : {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ، وقال تعالى : {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا }

وقال تعالى : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} وقال تعالى : {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ . وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة ،

وقال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلم في صحيحه : (( النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ)) نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سبهم وبين فضلهم فقال فيما رواه الشيخان: ((لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلَا نَصِيفَهُ )) صَلَّى عَلِيٌّ رضي الله عنه الْغَدَاةَ ثُمَّ لَبِثَ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحٍ، كَأَنَّ عَلَيْهِ كَآبَةٌ، ثُمَّ قَالَ: ((لَقَدْ رَأَيْتُ أَثَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا أَرَى أَحَدًا يُشْبِهُهُمْ، وَاللهِ إِنْ كَانُوا لَيُصْبِحُونَ شُعْثًا غُبْرًا صُفْرًا، بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ مِثْلُ رُكَبِ الْمِعْزَى، قَدْ بَاتُوا يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، يُرَاوِحُونَ بَيْنَ أَقْدَامِهِمْ وَجِبَاهِهِمْ، إِذَا ذُكِرَ اللهُ مَادُوا كَمَا تَمِيدُ الشَّجَرَةُ فِي يَوْمِ رِيحٍ، فَانْهَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تَبَلَّ وَاللهِ ثِيَابَهُمْ، وَاللهِ لَكَأَنَّ الْقَوْمَ بَاتُوا غَافِلِينَ))

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: ((مَنْ كَانَ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ، أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم كَانُوا خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ، أَبَرَّهَا قُلُوبًا، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا، وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، قَوْمٌ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَقْلِ دِينِهِ، فَتَشَبَّهُوا بِأَخْلاقِهِمْ وَطَرَائِقِهِمْ، فَهُمْ كَانُوا عَلَى الْهَدْيِ الْمُسْتَقِيمِ ))

حب الصحابة دين و إيمان ، وبغضهم كفر ونفاق . هؤلاء الصحابة لم يدعوا بابا من أبواب الخير لهذه الأمة إلا فتحوه ، اجتمع فيهم الخير كله ، هم خيار الخلق بعد الرسل عليهم السلام ، وأهل السنة يحبونهم جميعا ، ويترضون عنهم ، ويتولونهم .

إن الطعن فيهم طعن في نبيهم صلى الله عليه وسلم . قال الإمام مالك ‘ :((هؤلاء طعنوا في أصحابه ؛ ليقول القائل : رجلُ سوءٍ كان له أصحابُ سوءٍ ، ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه صالحين))

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم …

الحمد لله على إحسانه ، أما بعد :

فاتقوا الله عباد الله ، واعتصموا بحبل الله جميعا ، واعلموا رحمكم الله أن ما جرى من تفجير في بعض الطوائف في المنطقة الشرقية حرام ، وليس من الدين في شيء ، وإن أم الفتنة والشر دولة إيران المجوسية لا تكف عن بذر الفتنة ، وتحين الفرص، وإعانة الخوارج والتابعين لها بالإعداد والإمداد ليكون لها ما تصبو إليه. وإن ما يزعمه من لا خلاق له من أن مناهج التعليم في هذه البلاد سبب لهذه التفجيرات ، وأن علماء المملكة وحكامها هم الذين وراءها ، كذب وفجور، فمناهجنا وعلماؤنا وأمراؤنا عوامل عظيمة لكبت الفتن والإرهاب والتفجير. ومهما بلغ الخلاف بين أهل السنة وغيرهم من أهل البدع أو الكفار، فإنه لا يجوز الاعتداء بقتل ولاضرب ولا إتلاف أموال، وإنما يرفع الأمر إلى ولاة الأمور ليروا ماأراهم الله، وهم أعلم بالمصالح والمفاسد، وأما إحداث الفوضى فهو محرم باتفاق المسلمين؛ لأن هذا من الافتيات على من ولاه الله الأمر، ومنازعة له . هذا وصلوا …


شارك المحتوى: