غموض الوسطية

عبدالرحمن بن ناصر الفيصل

بسم الله الرحمن الرحيم

عبدالرحمن الفيصل

غموض الوسطية

مصطلح الوسطية امتطاه كل أحد ، وحسن به دعوته ونهجه ، فنعق بها

الليبرالي ، وصرخ بها المبتدع والرافضي ، ولاكها كثيرا الحزبي ،

ورددها خلفهم الجاهل الغبي ، واستباحها دعاة التيسيير والتجميع

المفتون بما يشتهيه المستمعون ويريدون لابما به ينتفعون

فهدموا بها أصول الدين وفروعه .

ولاغرو اجترار مثل هذا المصطلح والتصنع به وله ، فبالإضافة إلى أن

الله قدامتدح به أمته السائرة على نهج خاتم أنبيائه صلى الله عليه وسلم

بقوله عز وجل :(وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس )

فهذه العبارة الرنانة تجلب لدعاتها الشهرة والكثرة من الجماهير

المزمرين لهم من جميع الطوائف والأحزاب ، حتى أن أحدهم فاز برنامجه

بأكثر جماهيرية لقناة فاجرة ، داعية للرذيلة والمنكر ولم يحفظ عنه أنه

عليها استنكر!!

فيا ترى !! ما الوسطية المبتغاة والممدوحة ؟ وهل تدخل فيها العبادات ؟

للأسف !! نرى كثيرا من المنسوبين لدعاة الإسلام وممن يشار إليهم

بالبنان عند الأغرار أقحموها في جميع أمور الدين من عبادات واعتقادات

وولاء وبراء ، فصار الوسطي في نظرهم هو من يتقارب مع أعداء الدين

ودعاة الضلالة ، وصار الوسطي هو من يهون أمور الدين وشرائعة

متذرعا بقواعد مطاطية تارة بفقه الخلاف وتارة بالمصالح ، وتارة

بالتيسير على العباد وكأنه مشرع عن رب الأرباب ؟!

عبارات في ظاهرها حقة أريد بها باطلا شاؤوا أم لم أبوا !!

شعروا بذلك أم لم يستشعروا ؟!

نعم لكل طرفين وسط ، ولكن هناك أطراف لاوسطية بينها بهذا المعنى

فلاوسط بين الكفر والإيمان

ولاوسط بين البدعة والسنة

ولاسط بين اليهودية والنصرنية بهذا المعنى ؟

من هذا نعلم أن الوسطية المرادة لا يندرج تحتها وسطية الفكر والكفر

ولا الديانات والعبادات

ولابين أحكام العفو والعقوبات كما ينادي بها دعاة أهل الضلال .

فوسطية الإسلام أن تكون على منهج الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة

فجلد الزانيين مع رضاهما بذلك أو بدونه وسطية

وقتل المحصن منهما وسطية

والبراءة من الكفار وجهادهم وسطية

وجهاد المبتدعة والعلمانيين وهجرهم وسطية

فليست الوسطية هي التوسط في الاعتقادات والعبادات

أوفي التجميع والتيسير أو بتلبية رغبة المعجبين والمخالفين !!

إنما بما بين الله عز وجل في قوله :

” وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكون شهداء على الناس “

أي خيارا وعدولا نشهد على سائر الأمم يوم القيامة ، ولن يتحقق ذلك

بالوسطيات التي يدعيها كل أحد في هذه الأزمان كالمناداة بوحدة الصف

لاوحدة الرأي والاستماتة بتقرير هذه العبارة الفضفاضة للسير كما يقال

في الخطالرمادي ، الذي يرضي كل ذوق ونحلة لاطلب رضا خالقها.

فمن ثم يعلم أن التوسط والوسطية سلوك إنساني مطلب كل أحد ،

بغض النظر عن ديانته ، صورتها الاعتدال في الأخلاق والسلوك ،

فترك الغضب وسطية والحكم بالعدل وسطية ، فكل الديانات والنحل

والعقلاء تتفق على حسنها والترغيب فيها .

وهي ممن تممها الإسلام

وهذبها المصطفى صلى الله عليه وسلم في دعوته بقوله :

“إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق “.


شارك المحتوى: