عقيدتنا وسط بين الخوارج والمرجئة

د. إبراهيم بن عبدالله المطلق

عقيدتنا وسط بين الخوارج والمرجئة

د. ابراهيم بن عبدالله المطلق

اعتقد اعتقادا جازما ان عقيدة السلف الصالح رضوان الله عليهم واضحة وجلية توارثها الأحفاد عن الأجداد وهي مؤصلة في عدد من كتب العقيدة مثل العقيدة الطحاوية ومثل رسالة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى الى أهل القصيم وغيرها مما توارثه الخلف عن السلف.
وأعتقد ايضا اعتقادا جازما ان عقيدة دولة آل سعود منذ اسست ومنذ التقى الإمامان محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب واتفقا على تحكيم الكتاب والسنة ونصرة عقيدة السلف الصالح والدعوة اليها وهي عقيدة السلف الصالح ومنهج اهل السنة والجماعة.

فنعتقد ان الإيمان قول وعمل واعتقاد قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان ونعتقد ان الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية بخلاف فرقة المرجئة والتي عرفت منذ عهد السلف الصالح رضوان الله عليهم والخلل لديهم في عقيدتهم قولهم (لا يضر من الإيمان ذنب) ومفهومه ان الإيمان اعتقاد بالقلب فقط دون العمل بالأركان وبخلاف عقيدة الخوارج الذين يعتقدون ان صاحب الكبيرة خالد مخلد في النار.

ونعتقد وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم بالمعروف كما دلت عليه الأدلة من الكتاب والسنة بخلاف جماعة الإخوان المسلمين الذين لا يعتقدون وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين بل يعتقدون ان جميع أئمة المسلمين ممن لا ينتمي لجماعتهم كفار مرتدون.

سيد قطب هو احد كبار مؤسسي الجماعة وقيادييها والكثير من مثقفينا ودعاتنا ومعلمينا بل وبعض كبار علمائنا يغرق في فكره يقول في شأن الحاكمية: (يدخل في اطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها انها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله ولكنها تدخل في هذا الاطار انها لا تدين بالعبودية له وحده في نظام حياتها.. فهي وإن لم تعتقد بألوهية احد الا الله تعطي اخص خصائص الألوهية لغير الله فتدين بحاكمية غير الله فتتلقى من هذه الحاكمية نظامها وشرائعها وقيمها وموازينها وعاداتها وتقاليدها.. موقف الإسلام من هذه المجتمعات كلها يتحدد في عبارة واحدة ان يرفض الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها). معالم في الطريق طبعة دار الشروق ص 101-

103.ويقول أيضاً: (ارتدت البشرية الى عبادة العباد والى جور الأديان ونكصت عن لا اله الا الله وإن ظل فريق منها يردد على المآذن لا اله الا الله) في ظلال القرآن دار الشروق

1057/2.وقال ايضاً في تفسير قوله تعالى: {واجعلوا بيوتكم قبلة} بعد ان بينا فيما سبق دخول مسلمي العصر في اطار المجتمع الجاهلي يقول: (وهنا يرشدنا الله الى اعتزال معابد الجاهلية – مساجدها – واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي) في ظلال القرآن ( 1816/3- دار الشروق).

وقال ايضاً: (انه لا نجاة للعصبة المسلمة في كل ارض من ان يقع عليها العذاب الا بأن تنفصل عقيدياً وشعورياً ومنهج حياة عن اهل الجاهلية من قومها حتى يأذن الله بقيام دار اسلام تعتصم بها وإلا تشعر شعوراً كاملاً بأنها هي الأمة المسلمة وأن ما حولها ومن حولها ممن لم يدخلوا فيما دخلت في جاهلية) في ظلال القرآن ( 2122/4- دار الشروق). وقال: (انه ليست على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي) في ظلال القرآن 2122/4- دار الشروق.

لا ينكر الا مكابر ان هذه الجماعة اخترقت مجتمعنا قبل قرابة نصف قرن وأسست ثلاث مدارس احداها في الرياض والأخرى في القصيم والثالثة في مكة كل هذه المدارس خريجوها من أبنائنا يدينون بالولاء التام لهذه الجماعة.

كما نعتقد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما اوجبته الشريعة المطهرة ولكن الفرق بيننا وبين هذه الجماعة في هذه القضية اننا نعتقد وجوب الإنكار ومراعاة مراتب الإنكار باليد او باللسان او بالقلب كما بين نبي الهدى صلى الله عليه وسلم اما هذه الجماعة الموقرة فيعتقدون وجوب الإنكار باليد واستخدام القوة في تغيير المنكر دون مراعاة للسلطات الرسمية وهذا يعد افتياتا على السلطة وخروجا عن طاعتهم وولائهم اذ ان الإنكار باليد من صلاحيات مؤسسة رسمية مخولة بذلك دون غيرها وأدلتي على ذلك كثيرة احداها ما حصل في كلية اليمامة بمدينة الرياض قبل فترة وجيزة.

نعتقد وجوب النصيحة لولي الأمر ومراعاة الحكمة والنصوص في ذلك ومن ذلك السرية في النصيحة والبعد عن التشهير والفضيحة ومن ذلك ايضا الرفق واللين في النصيحة بعيدا عن العنف والغلظة في القول بخلاف جماعة الإخوان والذين سخروا منابر الجمعة ومنابر ووسائل الإعلام في جميع عالمنا العربي للقدح في الحكام وتنقصهم ولا ادل من منهج قناة الجزيرة والتي يواليها الكثير من المنتمين من بني جلدتنا لهذه الجماعة فتراهم بين الاونة والأخرى اما ضيوفا عليها او يزعجونك بمداخلاتهم المضللة.

وغيرها من القنوات التي تتبنى فكر الجماعة وتدعو اليه وتحارب ما سواه بعقد الندوات لتأصيل فكر جماعة الإخوان المسلمين وتصنيف من لا يواليهم باتهامه بالوهابية تارة وبالجامية اخرى وبالإرجاء ثالثة وهكذا.

لا انكر انه قد يوجد في مجتمعنا من يعتقد الإرجاء لكن لا اعتقد انهم من الكثرة بمكان ولا اعتقد انهم يشكلون ظاهرة في مجتمعنا كجماعة الإخوان المسلمين مثلا وبالتالي لا يستحقون المزيد من التشهير وفي بعض وسائل الإعلام اذ ان الحديث عن المرجئة اعلاميا قد يدفع بعض الفضوليين الى تقصي الحقائق وربما التأثر بهم لا سيما ممن لا يفقه هذه المسائل اذ انها تروق لعشاق الذنوب والمبتلين بالمعاصي ومن يعتقد ان الإيمان بالقلب فقط.

ايضا نعتقد ان في رقابنا بيعة لولي امرنا وولي الأمر وهو الإمام من اجتمع المسلمون على مبايعته عليهم او غلبهم بسيفه وجبت طاعته وحرم الخروج عليه.

بخلاف جماعة الاخوان المسلمين والذين لا يعتقدون بيعة الحكام الحاليين وإنما يعتقدون بيعة قيادييهم ومرشديهم وهذه البيعة متسلسلة وموجودة في كل من يعتقد معتقد هذه الجماعة ويؤمن بمنهجها وإن انكره ظاهرا تقية ومراعاة لمصالح الفكر والتنظيم.

في الختام اود التأكيد ان هذا الهجوم على من يعتقدون بعقيدة السلف الصالح وتصنيفهم من قبل بعض قياديي الجماعات الأخرى ومنظريها انما هو محاولة للحفاظ على بقية كيانهم وأتباعهم بعد الفضح الإعلامي الكثيف لفكرهم ومنهجهم وهو كذلك لقب صنعه تنظيمهم الحركي ضمن مسلسل الألقاب التي يصنعونها لكل من خالف فكرهم وتوجهاتهم امتدادا للقب الوهابية ثم الجامية فبعد ان عرف لقب الجامية وحقيقته وفضح دعاته والذين حملوا لواءه في سنوات غبرت للتحذير من كبار علماء اهل السنة والجماعة والذين بذلوا جهدا في التأصيل لقضية الخلاف مع هذه الجماعة في حقوق ولاة الأمر ووجوب السمع والطاعة لهم بالمعروف وقوفا عند نصوص الكتاب والسنة وسوف تتواصل الألقاب فانتظروا قرائي الكرام ماذا بعد لقب المرجئة؟!.

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

جريدة الرياض – الثلاثاء 6 ذي الحجة 1427هـ – 26 ديسمبر 2006م – العدد 14064.


شارك المحتوى: