ضلال الاعتقاد في الأبراج كبرج الثور والحوت

د. عبدالعزيز بن ريس الريس

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أنعم علينا بالتوحيد، وأنجانا من التنديد، والصلاة على رسول الله محمد بن عبد الله إمام الموحدين، وقائد الغر المحجلين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء: 1].

أما بعد:

فإن علم الغيب خاصٌ بالله وحده، لا يُشركه فيه أحد، قال تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً﴾ [الجن: 26] وقال تعالى: ﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ﴾ [النمل: 65] وقال: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ﴾ [الأنعام: 59].

ومما شاع عند كثير من المسلمين أنهم اعتقدوا في الكواكب والنجوم، فنسبوا إليها الخير والشر، من مطر أو غير ذلك، وهذا كله شرك منافٍ للتوحيد، كأن ينسب المطر لنجم سهيل أو غير ذلك.

روى الإمام مسلم عن أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة».

وروى البخاري عن قتادة أنه قال: ” {ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح} [الملك: 5] خلق هذه النجوم لثلاث: جعلها زينة للسماء، ورجوما للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها بغير ذلك أخطأ، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به “.

وفرقٌ كبير بين من ينسب المطر إلى الأفلاك والنجوم وبين من يُخبر بأن ظهور نجم كذا علامة على حصول الأمطار أو غيرها، وليس سببًا وإنما علامة، فيذكر ذلك من باب الإخبار، فهذا جائز وليس شركًا، مع الحذر واستحضار أن الله هو المُسبب وأن هذه النجوم ليست أسبابًا، فإن الله لم يخلق النجوم والأفلاك أسبابًا بل هي خلق مُسخر لا إرادة له، قال تعالى: ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: 54].

وإن مقتضى التوحيد أن يمتلئ القلب تعلقًا بالله وحده، وألا تُنسب  الخير أو الشر لأسباب وهمية لا إرادة لها، وأن اعتقاد مثل هذا في الكواكب والنجوم من اعتقادات أهل الجاهلية المشركين.

اللهم احفظ علينا توحيدنا، وأحينا على التوحيد والسنة حتى نلقاك راضيًا عنا.

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فمما شاع كثيرًا بين المسلمين والكافرين الاعتقاد في الأبراج، كبرج الثور والأسد والحوت …وغيرها، فيزعمون أن من وُلد في برج كذا فصفاته كذا وكذا …إلخ، وكل هذا كذب وخرافة منافٍ للتوحيد، فإنه ليس للأبراج تأثيرٌ في خير أو شر أو سعادة أو تعاسة، ومن طالع الدجالين والمتلاعبين بهذه الأبراج فهو آثم ولو لم يُصدقهم!

روى الإمام مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي -رضي الله عنه- أنه قال: قلت: يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالا يأتون الكهان، قال: «فلا تأتهم».

وإن صدقهم كفر، لما روى أحمد وغيره عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أتى كاهنا، أو عرافا، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد».

أيها الموحدون، حافظوا على توحيدكم، فلا نجاة إلا بالتوحيد، روى الإمام مسلم عن جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به دخل النار».

فتعاهدوا أولادكم ذكورًا وإناثًا، وأزواجكم، وزملاءكم، ألا تزلّ بهم الأقدام في مطالعة هذه الأبراج وتصديقها، وإذا رأيت من يدعو إليها فقوموا قومة مُوحِّد فناصحوه وأنكروا عليه، فإن الدين النصيحة.

اللهم ثبتنا على التوحيد والسنة حتى نلقاك راضيًا عنا

اللهم احفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا

اللهم اهدنا فيمن هديت، وبارك لنا فيما أعطيت، وتولنا فيمن توليت

اللهم وفق ملكنا وولي عهده وأعوانهم أن يُعزوا دينك، وأن يُعلوا كلمتك، وكن لهم نصيرًا ومُعينًا على الحق يا أرحم الراحمين.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

 


Tags: , ,

شارك المحتوى: