رد بغي الأعداء على تقليص الحجاج بسبب الوباء


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شرك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].

أما بعد:

فإن أحسن الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

 

إن الحرمين الشريفين أفضل بقاع الدنيا، فلا يوجد حرم ديني إلا هما، الحرم المكي والحرم المدني، وهما أحب البقاع إلى الله، وقد توالت عليه القرون أيام بقائه تحت سيطرة الدولة العثمانية وقد أُهملا في إصلاحهما وتطويرهما بما يُناسب مكانتهما وبما يُريح الحجاج والمعتمرين والمصلين.

ولتعرف ذلك يقينًا: قارن إصلاح الحرمين وتطويرهما بإصلاح مساجد إسطنبول وتطويرها أيام سيطرة العثمانيين عليهما، بل إن الحرمين أُفسدا غاية الإفساد وقت حكم الأتراك بأن مُكِّن فيه الشرك الأكبر والتصوف الغالي، من دعاء الأموات والاستغاثة بهم، والاحتفال بالمولد النبوي، والرقص الصوفي على الصفا والمروة، بل إن المسلمين فُرِّقوا فيه بأن جُعل في الحرم المكي أربعة محاريب، لكل مذهب من المذاهب الأربعة وأصحابه محراب، فإذا انتهى هؤلاء من الصلاة صَلَّى أصحابُ المذهب الآخر بإمامه، وهكذا.

وقد أُهمل الحج حتى عمَّ الخوف والسطو والسرقة، وكثُر قُطَّاع الطريق، في قصص يشيب لها مفارق الصبيان، حتى منَّ الله بفضله فانتقلت ولاية الحرمين وشؤون الحج والمعتمرين إلى ولاة التوحيد والسنة آل سعود -جزاهم الله خيرًا-، وبُدِّل الخوفُ أمنًا، والشركُ توحيدًا، والبدعةُ سنةً، والتفرُّق تجَمُّعًا، وإهمال الحرمين إلى إعمارهما وتطويرهما بما يدهش كل ناظر، وسُهِّل للحجاج والمُعتمرين قضاء نُسُكهم بكل مُستطاع، وقُدِّمت لهم الخدمات الجليلة والمساعي الكريمة بما يعجز كاتبٌ أن يُحيط بذلك في كتاب، فضلًا عن خطبة جمعة.

وصدق فيهم تطهير البيت كما قال تعالى: ﴿ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [البقرة: 125].

اللهم اجزهم عن الإسلام والمسلمين خيرًا، اللهم زدهم عزًا للتوحيد والسنة، اللهم زدهم خدمة وتطهيرًا للحرمين الشريفين.

 

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

ففي كل سنة يفِد الحجاج والمعتمرون بأعدادٍ كبيرة، وفي كل عام تزداد الأعداد، وولاة التوحيد آل سعود والمسؤولون للحج يستعدون، وللحجاج والمعتمرين يستقبلون، ولهم يخدمون طاعة لله رب العالمين، وقيامًا بواجب ضيوف الرحمن المُتنسِّكين.

إلا أنه في هذا العام قُلِّص العدد كثيرًا، وقُصِرَ على أعدادٍ قليلةٍ ممن في الداخل من المواطنين والمقيمين، حرصًا على حفظ أنفس المسلمين لئلا يُصابوا بوباء كورونا، ولئلا ينتشر بين المسلمين في العالم، ومن المعلوم أن حِفْظَ النفس مَقْصَدٌ عظيم من مقاصِد الشريعة، كما قال تعالى: ﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ﴾ [النساء: 29] وقال: ﴿ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195].

إخوة الإيمان، مع وضوح الحكمة الرشيدة والغاية النبيلة من تقليص أعداد الحجاج والمعتمرين، إلا أن الأعداء من الصفويين ودولتهم، ومن المبتدعة من الجماعات الإرهابية، كالإخوان المسلمين وغيرهم، يحاولون استغلال هذا الحدَث لإشعال حماسة وعاطفة المسلمين ضد ولاة وأهل بلاد التوحيد والسنة السعودية -حرسها الله- بدعاوى كاذبة، واتهامات ظالمة، ووالله لو أن الحكومة السعودية سَمَحَتْ بالحج كما هو المعتاد سابقًا لأبى هؤلاء الأعداء إلا أن يطعنوا فيهم بحُجَّة أنهم لم يُبالوا بأرواح الحجاج والمعتمرين، لذا سمحوا بالحج في هذه الظروف الصعبة بهذه الأعداد الكبيرة …وهكذا.

إذن لا صلاح ولا صلح مع أعداء الدين من الرافضة ودولتهم، والجماعات الإرهابية المبتدعة، وصدق الشاعر لما قال:

كل العداوات تُرجى مودتها . . . إلا عداوة من عاداك في الدين

فحقيقة المعركة خلافٌ دينيٌّ بين التوحيد والشرك، والسنة والبدعة، قال تعالى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120] قال الشوكاني في تفسيره (فتح القدير): وكذلك أهل البدع لن يرضوا عن أهل السنة حتى يكونوا مبتدعة مثلهم.

فالواجب علينا جميعًا أمور، منها:

أولًا: عدم الالتفات لهؤلاء المغرضين؛ لأنهم مُغرضون لا مُصلحون ولا ناصحون.

ثانيًا: الدفاع عن دولة التوحيد والسنة بحق؛ لأنها على التوحيد والسنة، ولأن دافع وظلم المخالفين لهم هو المخالفة في التوحيد والسنة.

واعلموا أن وسائل الدفاع متعددة، إما بكلمة في مجلس أو برسالة وكتابة في وسائل التواصل المختلفة، فهُبّوا لنُصرة التوحيد والسنة وحكامها ودولتها ابتغاء ما عند الله، قال تعالى: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148].

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم عليك بالرافضة والكفرة يا رب العالمين، اللهم عليك بأعداء التوحيد والسنة من الكفار والرافضة والجماعات المبتدعة يا قوي يا عزيز، اللهم زد بلاد التوحيد والسنة وولاتها توفيقًا ونصرةً، وعُم ذلك في بلاد المسلمين يا أرحم الراحمين، اللهم أتم على الحجاج حجهم، وتقبل منا ومنهم.

وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.


Tags: ,

شارك المحتوى: