خفافيش ظلام بعض أئمة مساجدنا؟!

د. إبراهيم بن عبدالله المطلق

خفافيش ظلام بعض أئمة مساجدنا؟!

د. إبراهيم بن عبدالله المطلق

إمامة المصلين في الصلاة مرتبة عظيمة لا يرتقي إليها إلا من كان اتقى الناس وأخشاهم لله وأتقاهم له وأعلمهم بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولذا كان رسول الهدى صلى الله عليه وسلم هو إمام المصلين في حياته لا يتجرأ أحد على الامامة إلاّ بتوجيه كريم منه وحينما اشتد به المرض جاء توجيهه الكريم بأن يتولى هذا المنصب ويقوم بهذه المسؤولية أبو بكر الصديق “مروا أبا بكر فليصل بالناس” وحينما شاهد عمر رضي الله عنه قد تقدم مع فضل عمر ومكانته العظيمة ظهرت علامات الغضب على محياه صلى الله عليه وسلم ثم قال “يأبى الله ورسوله والمؤمنون مروا أبا بكر فليصل بالناس”.
وحينما انتهت فترة مالك بن الحويرث “وقد تفقه في الدين” من ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم وودعوه للعودة إلى ديارهم كان من وصيته وليؤمكم أعلمكم بكتاب الله وقد أم مالك قومه وكان صبياً رضي الله عنه.

التقوى لله تعالى أهم صفات من يتقدم ويرشح نفسه لامامة عباد الله والتقوى من صفات عباد الله المؤمنين المصلين لذا جاء في ثنايا كتاب الله تعالى التأكيد على هذه الصفة العظيمة: (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما).

فالذي يحافظ على أداء الصلوات الخمس مع الجماعة في بيوت الله تعالى يجب ان يحسن الظن به بل يجب ان نشهد له بالإيمان هكذا وجهنا نبينا صلى الله عليه وسلم “إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان”.

إذاً والحال هذه فما بال بعض أئمتنا واسمحوا لي أقول البعض منهم يظهر أمام الجماعة بمظهر التنسك والصلاح والخوف من الله تعالى ثم إذا خلا بنفسه أو بجلسائه ومحبيه أطلق العنان للسانه يكفر هذا ويلعن هذا ويقذف هذا ويغتاب هذا ولو تمكن من سفك دم هذا ممن ربما يراه كل وقت من أوقات الصلوات الخمس في روضة المسجد يعني من السابقين المتنافسين على الصف الأول والتبكير للصلاة لبادر بسفك دمه متقرباً بذلك إلى الله مفتخراً انه ضحى بكافر أو علماني أو ولولا ما من الله تعالى به علينا من نعمة الأمن في ظل حكم دولة راشدة محكمة للكتاب والسنة لرأيت ساحات المساجد كل يوم بحيرات من الدماء وما حال العراق عنا ببعيد.

أقول هل هذه الصفات من التقوى التي أمر الله تعالى بها إمام المصلين وأمر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أم أنه من النفاق الصراح الذي لا غبش فيه فهذا الإمام المسكين يقرأ قول الله تعالى: (… ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم ان يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه…) ويبكي ويبكي المصلين وما تكاد الصلاة تنتهي حتى يخرج سريعاً متجهاً إلى غرفة خلوته ومع حاسوبه ليقع في أعراض من رآهم معه في روضة المسجد لعناً وتكفيراً وقذفاً.. فأين خشية الله تعالى وأين ذلكم البكاء هل هو مسرحية تمثيلية اقتضتها مصلحة التنظيم أم أنه أخذا بمعتقد اخوانه في الضلال والتكفير “التقية” أم ماذا؟

أنا هنا لا ألقي اللوم على هذا الصنف من الأئمة فهم يعملون في خدمة أجندتهم ورموز فكرهم وإمامة المصلين وخطبة الجمعة والإشراف على حلقات التحفيظ والإشراف على المكاتب التعاونية ومراكز الأحياء وغيرها كلها مناصب هامة جداً يؤكد رموز التنظيم على ضرورة هيمنة أكبر شريحة من اتباعهم والمنتسبين لفكر التضليل والتخوين وربما التكفير عليها وبكل السبل والإمكانيات.

هنا القي اللوم وبشدة على لجان اختيار أئمة المساجد وخطبائها وأعتقد انه قد آن الأوان للصرامة في المحاسبة بل يجب على المسؤول الأول في المؤسسة الرسمية المعنية بهذا الشأن ان يعالج قضية اللجان بكل جدية ولا يكتفي بمحاسبة الإمام المنحرف فكرياً وعقدياً بل يجب ان يحاسب معه لجنة ترشيحه واختياره فربما وجد في لجان الترشيح من هو دسيس لهؤلاء بل ربما عضو خفي لخدمة التنظيم التكفيري وتقديم كافة التسهيلات له ولرموزه.

أؤكد على هذه القضية بعد ما ظهر الخفاش الأسود من دهاليز الظلام التي هي ملتقى الخفافيش ليقول للناس نعم كنت كذا وكذا معترفاً بكل أخطائه وأهنيء خفاشنا أصلحه الله على هذه الجرأة فالعودة للحق خير من التمادي في الباطل ومحاسبة النفس ولومها مما أكد عليه القرآن والسنة وأدعوه إلى تجديد التوبة والاكثار من الاستغفار له ولمن ظلمه والاستباحة منهم دون تصنيف وتضليل فحقوق الخلق أمرها عظيم جداً ولابد من التحلل منهم في هذه الدنيا قبل ان لا يكون درهم ولا دينار إنما هي الحسنات والسيئات.

أؤكد مرة أخرى على ضرورة العناية بتقديم الأتقى والأفقه في الحلال والحرام والأخشى لله تعالى لا الأجمل صوتاً ولا مراعاة المحسوبيات ليكون إماماً لعباد الله تعالى في أعظم أركان الدين وأجل العبادات البدنية “الصلاة” وضرورة العمل الجاد والسريع لتطهير وتنقية منصب الامامة والخطابة من كل منحرف فكرياً أو عقدياً أو منهجياً.

والله تعالى من وراء القصد،،،

جريدة الرياض – الخميس 9 ربيع الآخر 1428هـ – 26 أبريل 2007م – العدد 14185.


شارك المحتوى: