خطر الإسراف في النعم

د. عبدالعزيز بن ريس الريس

خطر الإسراف في النعم

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ,

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }

أما بعد…

فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

إن الدنيا قد فتحت علينا، والنعم قد جلبت إلينا، وما يزرع في الشرق والغرب يحصد ويوضع بين أيدينا، حتى إن أهل البيت ليحتارون فيما يأكلون من غداء وعشاء .

اللهم لك الحمد حمدًا كثيرًا

وإن هذه النعم من فضل الله وكرمه، وثباتها ودوامها إنما يكون بشكرها وطاعة الله ، قال تعالى {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [إبراهيم: 7]

وقال {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } [النحل: 112]

وقال {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} [الجن: 16، 17]

قال الشاعر:

إذا كنت ذا نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم

ومما يُتألم له أن بعض المسلمين يسرف في النعم وييذرها ويتفاخر بذلك، فمنهم من يتفاخر بولائمه، إما بتكثير الطعام الذي لا يؤكل أكثره، ويرمى بقاياه في الزبائل، أو يغسل أيدي الضيوف بدهن العود، كل هذا إسرافًا وتبذيرًا وتفاخرًا .

وزد على ذلك أنه يصور إسرافه وتفاخره ليرتفع بذلك عند الناس وما يعلم أنهم له يمقتون، ولقلوب الفقراء يكسرون .

وإن الإسراف محرم وسبب لذهاب النعم فكيف إذا ضم إلى ذلك البطر والتفاخر .

قال تعالى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]

وقال { وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 26، 27]

أخرج مسلم في صحيحه عن عياض بن حمار رضي الله عنه أنه قال: قال ﷺ:” وإن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد”

والواجب أن نتقي الله وأن نكون سببًا لحفظ النعم، وأن لا نكون سببًا لزوالها، فما أسرع زوالها، وقد كان رسول الله ﷺ يستعيذ بالله من ذلك، أخرج مسلم عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: «اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك»

ألا ترون ما كان فيه أهل العراق من النعم ثم زالت فعاش أهلها فقرًا بعد غنى، وخوفًا بعد أمن .

ألا ترون أن أهل الكويت فقدوا نعمة الأمن والاستقرار ورغد العيش في ليلة واحدة فشردوا وهجروا أيام الاحتلال العراقي .

ونحن في هذه الدولة نعيش بفضل الله على نعمة البترول، وما أسرع زواله بحرب أو غيرها، فإن طعامنا وشرابنا بعد الله على هذا البترول، ولو عوقبنا بذنوبنا وحيل بيننا وبين الاستفادة منه لأصبح في بلدنا مقتلة يتحدث بها التاريخ؛ لأنه ليس عندنا ماء نشربه فضلًا عن طعام نقتاته .

اتقوا الله أيها المسلمون واعرفوا عظيم نعم الله عليكم، وقابلوا النعم بالشكر لتدوم وتزداد .

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

إن من الإسراف أن يزاد في طعام الولائم بحجة أن باقيه لن يضيع، بل يعطى للفقراء وهكذا .

وهذا لا يجوز بل هو صورة من صور الإسراف .

وإني أذكر المسلمين في هذه الدولة المباركة أن آباءهم وأجدادهم قد عاشوا فقرًا حتى أكلوا الجيف، ولهم في ذلك حكايات مبكية محزنة .

وإن من شكر النعم تفقد الفقراء من حولنا والوقوف بالمساعدة لإخواننا المنكوبين في سوريا وغيرها عبر الوسائل والجهات الرسمية فإنها آمن وآكد .

اللهم يا من لا أرحم منك ولا أكرم اهدنا جميعًا للتوحيد والسنة

اللهم زدنا من نعمك وأعنا على شكرك .

اللهم زدنا من نعمك وأعنا على شكرك .

اللهم زدنا من نعمك وأعنا على شكرك .

اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا

اللهم ألطف بالمسلمين في سوريا وليبيا واليمن والعراق وغيرها يا لطيف يا خبير

وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله


شارك المحتوى: