خطبة عيد الفطر

عبدالقادر بن محمد الجنيد

خطبة عيد الفطر

الخطبة الأولى: ـــــــــــــــــــــــــــــ

الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر.

الحمد لله الرحيمِ الغفَّار المَرجوِّ ثوابُه، العزيزِ الجبَّار المَخشيِّ عذابه، المتكبِّرِ القهَّار المَرهوبِ عذابُه، الجوادِ الكريم الذي شمِل العالمين إنعامُه، وعمَّ جميع المخلوقين إكرامُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الموصوف بالخلق العظيم، والرحمة بالمؤمنين، والرفق واللين، فصلى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آل بيته وأصحابه ما لاح هلال وأنور، وطلع الصحب وأسفر.

أما بعد، فيا عباد الله:

اتقوا الله ربكم حق التقوى، واجعلوا تقواه نَصب أعينكم في السِّر والعلن, وحال إقامتكم وفي أسفاركم, فقد قال سبحانه آمرًا لكم } وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ {

واعلموا أن تقواه – عزَّ وجلَّ – إنما تكون بالمسارعة إلى مغفرته ورضوانه, بفعل الحسنات المُنجيات, وترك الخطيئات المُهلكات, قبل انصرام العُمُر, وفوات أوقاته وساعاته, فإن هذه الليالي والأيام تُحسب من آجالكم، وهي خزائن لأعمالكم } يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا {

فأودعوا فيها مِن الأعمال الصالحة ما يسرُّكم بعد الموت وعند الحساب والجزاء، يوم يُقال للمحسن والمحسنين } يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي } { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ {

واحذروا أن تودعوا فيها مِن الأعمال ما يسوؤكم ويحزنكم, يوم يقول المفرِّط متحسرًا{ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ } { رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ }.

عباد الله:

احذروا الوقوع في الشرك بالله – عز وجل -، فإنه أعظم ذنب عصي الله به، وهو ناقض للإسلام ومُبطل، ولا يُغفر لمن مات ولم يتب منه، ويُحبط جميع طاعات صاحبه، ومُحرَّم على فاعله دخول الجنة، وهو من الخالدين في النار بسببه، ألا وإن مِن الشرك: صرف شيء من العبادات لغير الله، لا سيما عبادة الدعاء، حيث ترى بعض الناس – أصلحهم الله وردهم الله إلى دينه -، يصرفونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول أحدهم داعيًا: “فرج عنا يا رسول الله”، “يا رسول الله اجعلنا في شفاعتك”، وآخر يصرفها للبدوي فتسمعه يدعوه ويقول: “مدد يا بدوي”، وثالث يدعو الجيلاني فيقول: “أغثنا يا جيلاني”، ورابع يدعو المِيرغني فيقول:”ادفع عنا يا ميرغني”، وخامس يدعو الحسين فيقول:”اكشف ما بنا يا حسين”، “أجرنا من النار يا حسين”، وسادس يدعو الرفاعي فيقول:”شيئًا لله يا رفاعي”، وهذا يدعو فلان، وتلك تدعو فلانة.

يرتكبون هذا الشرك الشنيع الغليظ مع أن الله تعالى قد زجرهم ونهاهم عن ذلك بأوضح عبارة وأبينها في القرآن، وهم يقرؤونها باستمرار، حيث قال سبحانه }فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا {

فنهانا سبحانه في هذه الآية أن ندعوَ معه أيّ أحد حتى ولو عَظُم وجلَّ بين الخلق، حتى ولو كان ملكًا مقربًا، أو نبيًا مرسلًا، أو وليًا صالحًأ، ثم حكم بأن دعاءه معه شرك.

وصحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مآل من دعا مع الله غيره ومقرَّه النار، فقال صلى الله عليه وسلم: (( مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ ))

عباد الله:

ابتعدوا عن الحلف بغير الله، كالحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو الكعبة، أو الأولياء، أو الآباء والأمهات، أو الشَّرف، أو الأمانة، أو الذمة، أو العيش والملح، أو غير ذلك، فإن الحلف بغير الله من الذنوب العظيمة، والأوزار الثقيلة، وقد تعددت الأحاديث النبوية في النهي عنه، وتنوعت في بيان تحريمه وقبحه، بل أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه شرك، فصح أن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: (( سَمِعَ رَجُلاً يَحْلِفُ: لاَ، وَالْكَعْبَةِ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ ))

عباد الله:

إياكم وإحداث البدع في الدين، أو فعلها، أو دعوة الناس إليها، أو نشرها بينهم، فإن البدعة من المحرمات الشديدة، والمنكرات الشنيعة، والسيئات الخطيرة، يدل على ذلك كثرة الأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأنها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحذِّر منها في مجامع الناس حين يخطبهم، ويصفها بأنها شرٌّ وضلالة، فصحَّ عن جابر – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب كان يقول: (( أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ))

ونهى وزجر صلى الله عليه وسلم وحذَّر أمته في وصيته الوداعية المشهورة من البدع، حيث صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لهم فيها: (( وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ))

وبين صلى الله عليه وسلم لأمته أن البدع المحدثة تُرَدّ على صاحبها، ولا يقبلها الله منه، فصح صلى الله عليه وسلم عنه أنه قال: (( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ ))

والبدعة هيكل ما أُحْدِث في الدين بعد النبي صلى الله عليه وسلم، واكتمال الشرع بوفاته، من الاعتقادات، أو الأقوال، أو الأفعال، التي يُتقرب إلى الله بها، ويُبتغى الأجر والثواب من فعلها.

ومن أمثلتهاالتَّمسح والاستلام بالأيدي لقبور الصالحين، أو قُببها، أو رُخامها، أو سياجاتها، أو أعمدتها، أو ستورها، أو مقام إبراهيم، أو جداران وستور الكعبة، أو أبدان وثياب من يُظن صلاحه، طلبًا للبركة.

ومن أمثلتهاقراءة سورة الفاتحة بعد صلاة الفريضة، أو بعد دفن الميت على روحه، أو عند خِطبة المرأة، أو عقد النكاح عليها، أو عند أيّ أمر مهم.

ومن أمثلتهاالمآتم التي تقام حين موت قريب، فتراهم يجتمعون له في بيت أو خيام أو ساحات، ويأتون بمقرأ أو مقرئين ليقرءوا القرآن على روحه، أو يَجلبون مصاحف فيقرأ الناس فيها على روح الميت، ويصنعون معها الأطعمة، ويقيمون الولائم والموائد للحاضرين، وكلما جاءت طائفة إلى هذا المأتم جددوا قراءة الفاتحة لروح الميت.

ومن أمثلتهاالذكر الجماعي بصوت واحد مرتفع، يوافق الناس فيه بعضهم بعضًا، سواء في المساجد، أو الزوايا أو الخلوات، أو في المآتم، والموالد، والاحتفالات، والطواف، والسعي، وصعيد عرفة، ومشعر مزدلفة، وبعد السلام من صلاة الفريضة، وفي الأعياد، وعند زيارة القبور.

ومن أمثلتهاالاحتفالات والموالد التي يقيمونها كالاحتفال بذكرى ليلة الإسراء والمعراج، أو المولد النبوي، أو الهجرة النبوية، أو موالد الأولياء، ناهيك عن الموالد الأسبوعية والشهرية في المساجد، أو الحضرات، أو الزوايا، أو الخلوات.

وجميع هذه البدع المحدثة في الدين لو فتشت عنها في القرآن فلن تجدها، ولو فتشت عنها في السنة النبوية الثابتة فلن تجدها، إذ لم يقمها ولا فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه – رضي الله عنهم -، ولا أحد من أهل القرون الثلاثة الأولى التي هي خير القرون بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا دعوا الناس إلى فعلها، ولو فتشت عنها في كتب الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وتلامذتهم فلن تجد لها ذكرًا، ولن تجدهم فعلوها، ولا دعوا الناس إليها.

عباد الله:

تجنبوا مشاهدة المحرمات والفواحش والقبائح والرذائل في القنوات الفضائية، أو اليوتيوب، أو الفيسبوك، أو تويتر، أو مواقع الإنترنت، أو المسارح، أو السينما، أو الطرقات.

وحاذروا الغش والخداع والتدليس والتغرير في البيع والشراء، أو الأعمال الحِرفية والمِهنية، أو العقود والمناقصات والمضاربات التجارية.

وابتعدوا عن التشبه بأهل الكفر في عاداتهم، وألبستهم، وقصِّ شُعورهم، وإياكم والكذب، والغيبة، والنميمة، والسخرية، والاستهزاء، والظلم والعدوان، والبغي والفجور، والغِل والحقد والحسد.

ولا تؤذوا الناس من ولاة أو مسئولين أو مارة أو جيران أو قرابة أو رفاق أو عمال أو غيرهم في أبدانهم، ولا في أموالهم، ولا أعراضهم، ولا بيوتهم، ولا طرقاتهم، ولا مراكبهم.

واعلموا أن الذنوب من شركيات وبدع ومعاصي شر وضرر محقق عليكم في دنياكم، وفي قبوركم، وفي الدار الآخرة، وإنها لتؤثر في أمن البلاد، وتؤثر في رخائها واقتصادها، وتؤثر في قلوب أهلها، وتؤثر في وحدتهم وائتلافهم، وإن ما يُصيب الناس من المصائب العامة أو الخاصة، الفردية أو الجماعية، فإنه بما كسبت أيديهم، هم سببه، وهم أهله، هم سببه حيث فعلوا ما يوجبه، من شركيات وبدع ومعاصي، وهم أهله حيث كانوا مستحقين له، إذ قال الله سبحانهظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {

عباد الله:

كفوا ألسنتكم وأقلامكم وتغريداتكم عن الطعن في ولاة أموركم وحكامكم، وعن غيبتهم، والوقيعة في أعراضهم، وذكر مثالبهم، وتحريض الرعية عليهم، فإنكم منهيون شديدًا عن ذلك، وهو محرم عليكم، بل ومن الأسباب الكبرى لفساد الدين والدنيا على الشعوب والمجتمعات، وقد رأيتم وعايشتم ما حلّ بالمسلمين من فتن، وكروب، وشرور، وقتل واقتتال، وذهاب أمن، وضعف اقتصاد، وتدمير بلدان، وتشرد، وتسلط أعداء، وتكفير، وتفجيرات، بسبب ترك التعامل مع الحكام وفق ما جاء به الشرع، وكان عليه سلف الأمة الصالح من الصحابة فمن بعدهم، إلى أفكار ومخططات جماعات وأحزاب منحرفة، وكلام منظريها ودعاتها ورموزها.

عباد الله:

ها قد ترحلت أيام رمضان ولياليه، تلك الأيام الغُر، والليالي الزُهر بعد أن سعدنا بصيامه، وتمتعنا بقيامه، وانشرحت صدورنا بذكر الله – عز وجل – فيه، ودعائه، واستغفاره، وقراءة القرآن، ثم جاء العيد بزُهوِه وبهجته وأنسه وفرحته، فهو تحفة للصائمين، ومكرمة للمتعبدين، وسرور للمحسنين، وقد قال الله تعالى ممتناً علينا } وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {

عباد الله:

إن العيد لمن أجمل المظاهر التي امتن الله بها على عباده، فاحرصوا فيه على صفاء النفوس وتصفيتها من الضغائن والشحناء، حتى يغفر لكم ربكم، وكونوا فيه من أهل العفو والصفح والتجاوز، وتغافلوا عن الزلات والهفوات، وأظهروا الألفة والتآلف، واجتنبوا الفرقة وأسبابها، وابتعدوا عن الخصومات والمنازعات، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ))

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية: ـــــــــــــــــــــــــــــ

الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر.

الحمد لله مُعيد الجمع والأعياد، ومُبيد الأمم والأجناد، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، والصلاة والسلام على عبده ورسوله المفضل على جميع العباد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الحشر والتناد.

أما بعد فيا عباد الله:

اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من إتمام الصيام والقيام فإن ذلك من أكبر النعم، واسألوه أن يتقبل منكم، ويتجاوز عما حصل من التفريط والتقصير، فإنه تعالى أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين.

واعلموا أن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد صحَّ عنه أنه قال: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ))

وتفسير ذلك أن صيام رمضان يُقابل عشرة أشهر، وصيام سِتٍّ من شوال يُقابل شهرين، فذلك تمام صيام الدهر الذي هو العام.

ولا يجب صيام السِّت من أول الشهر ولا متتابعة، فمن بادر إلى صيامها وتابعها فهو أفضل، ومن أخَّرَها أو فرَّقها فلا حرج عليه.

ومَن صامها قبل قضاء ما فاته من رمضان، لم يدخل في ثواب هذا الحديث، لأن النبي صلى الله قال: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ ))، ومن كان عليه قضاء فلا يَصْدق عليه أنه صام رمضان.

عباد الله:

لقد وعظ النبي صلى الله عليه وسلم النساء في صلاة العيد بعد الرجال، واقتداء به أقول:

أيتها النساء:

اتتقين الله في أنفسكن، فاحفظن حدوده، واعملن بأوامره، واجتنبن ما نهى عنه وزجر، وقمن بحقوق أزواجكن وأولادكن من أبناء وبنات، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله، واحذرن أشد الحذر أن تنجرفن إلى ما تفعله بعض نساء المسلمين اليوم من الخروج إلى الأسواق والمستشفيات والمنتزهات والبحار والطرقات وأماكن العمل متبرجات متجملات متطيبات قد كشفن عن وجوههن وشعورهن ونحورهن وسيقانهن، ولبسن الألبسة الضيقة التي تجسد وتفصل وتحجم أعضاء أبدانهن، فإنهن والله لسن على هدى، ولا في خير يسرن، ولا بفضيلة يعملن، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :(( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ))

أيتها النساء:

أكثرن من الصدقة، وزدن في الإنفاق في سبيل الله، وأكثرن من الإحسان إلى الفقراء والمحتاجين، واحذرن من كثرة اللعن، أحذرن أن تلعن الأبناء والبنات أو الإخوة والأخوات أو الأزواج والأقرباء أو الصاحبات والجيران أو أي أحد، وابتعدن عن مقابلة إحسان الأزواج لكن بالجحود والكفران وعدم الشكر، واحفظن الجميل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد صح عنه أن مرَّ على النساء في مصلى العيد فقال لهن : (( يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّار، فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ))

أيتها النساء:

اتقين الله في ألبستكن وشعوركن وكلامكن فلا تتشبهن في شيء منها بالرجال ولا بالنساء الكافرات ولا بالنساء الفاجرات الماجنات الفاسدات حتى لا تُلحقن بهن، وتدخلن في لعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت عنه أنه قال محذرًا وزاجرًا :(( مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ))

وثبت عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال : (( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّهَاتِ بِالرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنَ الرِّجَالِ ))

عباد الله:

إن التهنئة بالعيد قد جرى عليها عمل السلف الصالح من أهل القرون المفضلة وعلى رأسهم الصحابة – رضي الله عنهم -، وقد قال الإمام الآجري ـ رحمه الله ـ عن هذه التهنئة إنها: فعل الصحابة، وقول العلماء.اهـ

وثبت عن جبير بن نفير ـ رحمه الله ـ أنه قال: (( كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا الْتَقَوْا يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ ))

واعلموا أن السنة لمن خرج إلى مصلى العيد من طريق أن يرجع من طريق آخر، فقد صح عن جابر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : (( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ ))

هذا وأسأل الكريم أن يعيننا على الاستمرار على الإكثار من طاعته إلى ساعة الوفاة، وأن يقينا شر أنفسنا وشر أعدائنا وشر الشيطان، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وأجدادنا وسائر الأهل والعيال، اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان، وجنبهم القتل والاقتتال، وأزل عنهم الخوف والجوع والدمار، وأعذهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لكل ما يرضيك، واجعلهم عاملين بشريعتك، معظمين لها ومدافعين وناصرين، وأزل بهم الشرك والبدع والآثام والظلم والعدوان والبغي، اللهم اجعلنا ممن صام رمضان وقامه وقام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا فغفرت له ما تقدم من ذنبه، إنك سميع الدعاء.

خطبة كتبها:

عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد

وله رسالة بعنوان:

” تذكير الخلف بأن بدأ خطبة العيد بالتكبير هو المنقول عن السلف “.

وأخرى بعنوان:

” إسعاد الصُّحبة بأن السلف الصالح على أن للعيد خطبتين لا خطبة بلا خلاف“.

وهما موجدتان في موقعه وغيره بشبكة الإنترنيت.


شارك المحتوى: