جبهة النصرة بين السطور

د. فيحان بن سرور الجرمان

بسم الله الرحمن الرحيم

جبهة النصرة بين السطور

سألني سائل عدة أسئلة عن جبهة النصرة . وأعرضها من باب قول حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه – : ((كان الناس يسألون رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن الخير وكنتُ أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه)) رواه البخاري ومسلم .

الأسئلة :

ما رأيك بجبهة النصرة ؟

وهل ننهى الناس عن التبرع لها ؟

وهل نحذر منهم ؟

وهل في خطر علينا لو حذرنا منهم ؟

وهل نتوقع منهم قتالاً للسوريين بعد سقوط بشار ؟

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

رأيي في جبهة النصرة : أنها امتداد لفكر القاعدة ، وهذا ما صرح به قادة جبهة النصرة كمحمد الجولاني ، وقد جددوا البيعة لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري !!!

وهذا الفكر والمنهج لا يخفى على كل مسلم عاقل لا تتجاذبه العواطف والأهواء والانفعالات غير المنضبطة بضوابط الشرع ، بأنه فكر ومنهج شبيه بمنهج الخوارج إذا لم يكن عينه ، فهو منهج تكفيري ، لا يراعي الضوابط الشرعية ، ولا الشروط والموانع التي من خلالها يعرف أن المسلم خرج من دائرة الاسلام إلى دائرة الكفر .

وأيضاً الذي أراه أن تنظيم القاعدة مخترق من الاستخبارات الأمريكية والإيرانية ، والدليل على ذلك : أن تنظيم القاعدة أصبح معول هدم للإسلام والمسلمين ، فكلما انتشر الإسلام في بقعة من بقاع الأرض حركوا تنظيم القاعدة .

فمثلا في جمهورية مالي ، انتشر فيها الإسلام ، فتحركت القاعدة ، ورُفعت الأعلام التي ترمز لفكرها ، وكأن لسان حالها يقول للغرب : (ها نحن موجودون ، فإذا سحقتم المسلمين في جمهورية مالي فلكم العذر عند الناس ؛ لأنكم تحمون جمهورية مالي من تنظيم القاعدة والتطرف) !!

ودولة طالبان في أفغانستان ، ذهبت وانتهت بسبب تنظيم القاعدة المخترق من الاستخبارات الأمريكية والإيرانية ؛ فأكثر قادات تنظيم القاعدة في إيران (إقامة جبرية) لهم مكان آمن ومخصص ، ولا يستطيعون التحرك والخروج من هذا المكان إلا عن طريق الاستخبارات الإيرانية .

ولما حصل في سوريا ما حصل من ثورة ، ثم تطور الأمر إلى اقتتال وانشقاقات في صفوف الجيش السوري ، وتكون قوة ضد النظام النصيري العلوي الكافر ، استمر القتال إلى أن دخل في منتصف السنة الثانية ، والجيش الحر ككتلة واحدة ، وبدأ النظام يتزعزع ويضعف ، فجاء تنظيم القاعدة ليخدم الغرب أولاً والنظام ثانياً ، ورفعت الأعلام التي ترمز لتنظيم القاعدة في وسط سوريا ، وأعلنت جبهة النصرة مبايعتها لأيمن الظواهري ، وكأن لسان حالها : (لا تدعموا الجيش الحر ولا الكتائب ؛ فإن تنظيم القاعدة موجود في سوريا ويقاتل النظام) !!

مع أن إيران واقفة مع النظام بكل ما أوتيت من قوة ، وقد أطلقت سراح المعتقل عندها ، وهو الناطق الرسمي لتنظيم القاعدة والرجل الثالث وصهر أسامة بن لادن : سليمان بو غيث ، وحرصت أن تدخله عن طريق تركيا ثم سوريا ؛ لكي يلتحق مع جبهة النصرة ، فتكون إيران أصابت عصفورين بحجر واحد ، الأول : اتهام تركيا بدعم الإرهاب ، والثاني : خدمة النظام .

وأيضاً لتؤكد للعالم بأن النظام يحارب الإرهاب والتطرف والتكفريين ، بدليل : أن الناطق الرسمي لتنظيم القاعدة بين أظهرهم .

فإن قال قائل : لماذا تنكرون على تنظيم القاعدة رفع العلم وهو يتضمن كلمة التوحيد ؟

وجوابنا على هذا السؤال : إن إنكارنا يتوجه إلى رفع الأعلام التي ترمز إلى فكرهم ، وهم لا يقبلون رفع علم السعودية مع أنه يحمل كلمة التوحيد .

ورفع تنظيم القاعدة الأعلام لا يخدم الإسلام ، وإنما يريدون إثبات وجودهم ، وإنما الذي يخدم الإسلام الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والرفق ، فقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – لأبي ذر حينما اعتنق الإسلام وهم في ضعف ، قال له : ((ارجع فإذا علمت بظهوري فأقبل إلينا)) .

وتنظيم القاعدة أكثرهم أحداث أسنان ، سفهاء أحلام ، وجميع العلماء الربانيين الذين هم من بقية السلف الصالح ، وعلى رأسهم العلامة ابن باز رحمه الله ، والعلامة ابن عثيمين رحمه الله ، وهيئة كبار العلماء : حذروا من هذا الفكر المنحرف .

السؤال الثاني :

وهل ننهى الناس عن التبرع لها ؟

الجواب :

أما ما يتعلق بالتبرع ، فإني أنهى الناس عن التبرع لها ، حيث يوجد الكثير من الكتائب المستحقة للعون والدعم .

ولأن هذا الفكر شره مستطيل ، ويتقوى بمال المسلمين على المسلمين ، بالتكفير لهم تارة ، والتفجيرات والإغتيالات تارة أخرى ، وما حدث في السعودية ليس عنا ببعيد ، من تكفيرها وزعزعت أمنها واستقرارها من قِبَلِ تنظيم القاعدة .

قال شيخ الاسلام ابن تيمية – رحمه الله – : (كما أن الروافض شر من الخوارج في الاعتقاد ، ولكن الخوارج أجرأ على السيف والقتال منهم) .

[ منهاج السنة (٨٢/٣) ]

وقال أيضا : (ولم يُعرف في الطوائف أعظم من سيف الخوارج) .

[ منهاج السنة (٣٤٥/٦) ]

ويقصد شيخ الإسلام ابن تيمية بسيف الخوارج : قتالهم المسلمين وليس الكفار ، بدليل قوله – صلى الله عليه وسلم – عن الخوارج : ((يقتلون أهل الإسلام ، ويَدَعون أهل الأوثان)) متفق عليه .

وجبهة النصرة تهدد السعودية ، ولم نرى هذا التهديد منهم للنصيرية وحزب اللات وإيران الذين اجتاحوا القصير ، ومن أراد التثبت فعليه بالرجوع إلى مقاطع اليوتيوب .

السؤال الثالث :

وهل نحذر منهم ؟

الجواب :

نعم نحذر منهم ؛ لمخالفتهم لمنهج السلف الصالح .

السؤال الرابع :

وهل هناك خطر علينا لو حذرنا منهم ؟

الجواب :

الواجب على المسلم أن ينصح لله ولرسوله – صلى الله عليه وسلم – ، وقد جاء في الحديث الذي أخرجه الامام احمد : ((لا يَمْنَعَنَّ أحدَكم هيبة الناس ، أن يقول في حقٍّ إذا رآه ، أو شَهِدَه ، أو سَمِعَه . قال أبو سعيد : وددتُ أني لم أسمعه)) .

وأيضا هم في خطر على الأمة سواء حذرنا منهم أو لم نحذر ؛ وذلك لمخالفتهم هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – وعدم الاستمساك بغرز العلماء في الوقت الحاضر .

السؤال الخامس :

هل نتوقع منهم قتالاً للسوريين بعد سقوط بشار ؟

الجواب :

نعم ، الأمر وارد جداً ، وهو ما يتوقعه الكثير من الكتائب والجيش الحر ، وقد سألتُ بنفسي بعض الكتائب ، فقالوا : نخشى من هذا بعد سقوط النظام ؛ لأن فيهم تكفريين .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

كتبه / فيحان الجرمان


شارك المحتوى: