المراكز الصيفية وفكر الإخوان

د. إبراهيم بن عبدالله المطلق

المراكز الصيفية وفكر الإخوان

د. إبراهيم بن عبدالله المطلق / جامعة الإمام محمد بن سعود – الرياض

المراكز الصيفية ليست منابع للإرهاب. إنما هي محاضن لتأصيل فكر الإخوان المسلمين، وبدليل قرن مضى كانت المراكز الصيفية مرتكزا هاما ونقطة لقاء يتم من خلالها نشر وبث وتأصيل فكر جماعة الإخوان المسلمين؛ وذلك بالمسابقات الثقافية وتوزيع كتيبات ومؤلفات قادة الفكر أمثال سيد قطب وغيره، وإذا كان الشرع المطهر قد حدد شهادة رجلين حينما تكون هناك دعوى قضائية، فلديَّ أضعاف هذا العدد ممن يشهد بالله العظيم أن كتب ومصنفات قادة الإخوان المسلمين كانت توزع كجوائز للناشئة وفلذات الأكباد في المراكز الصيفية وغيرها من المناشط، وأنا ممن حصل على هذه الجائزة إبان الدراسة الجامعية، وفي إحدى المشاركات في بعض تلك المناشط ولا زلت احتفظ بتلك الجوائز، ومما يؤكد هذا الطرح ايضا أن غالب من يحترق للدفاع عن هذه المراكز إما ان يكون من خريجيها أصلا وتأصيلا أو ممن عرف بالانتماء أو في أقل الأحوال التعاطف مع هذا الفكر. ولنقرأ أو نستمع إلى وسائل الإعلام وقنواته الفضائية لنجد أن بعضا ممن اشتهروا بالقيادية في هذا الفكر وبدون تحفظ يدافعون بكل ما أوتوا من قوة عن المراكز الصيفية ويؤكدون على ضرورتها وأهميتها لاحتواء الشباب والمقصود احتواء الشباب فكريا؛ فالقضية اليوم تنافس كبير جدا وصراع محتدم تشهده الساحة بين كل من فكر الاخوان المسلمين والأفكار المنافسة له ويشارك في المعركة بعضها ممن عرف بالميوعة الدينية ممن تلقى تعليمه في دول الغرب وتأثر نوعا ما بثقافة القوم فتجده فكرا ومظهرا مقلِّدا لأولئك يسعى جاهدا في أن يكون مجتمعه الإسلامي المحافظ شبيها بذلك المجتمع في بعض القضايا باسم الحرية وهذا الفكر ومن ينتمي إليه هو العدو اللدود لفكر الإخوان المسلمين، ولذا تجد قادة فكر الاخوان في كل مكان يدندنون كثيرا حول ضرورة محاصرة فكر العلمانية بكل وسيلة وبأية حال؛ مغفلين تماما ضرورة محاصرة فكر الوثنية والقبورية.
شاهد آخر على أن المراكز الصيفية إنما أقيمت لتأصيل فكر جماعة الاخوان حرص بعض المؤسسات الرسمية والتي لا يخفى على لبيب تبنيها فكر الجماعة اما من خلال دعم المنظمات العالمية التي أسست على هذا الفكر ماديا أو معنويا أو بطباعة وتوزيع كتيبات مؤسسي هذا الفكر، أقول: هذه المؤسسات والتي ليس من اختصاصها العمل في الداخل عرفت اليوم بتوجهها للعمل الدعوي في الداخل وبدأت بل ركزت على المراكز الصيفية فما السر يا ترى؟!
شاهد ثالث يؤكد أن المراكز الصيفية أدت دورا فاعلا في تأصيل فكر جماعة الإخوان المسلمين هو أن عددا ممن عملوا جاهدين على تبرئة المراكز من تأصيل الإرهاب عبر وسائل الإعلام المختلفة هم أنفسهم ممن شارك يوما ما ضمن فعاليات هذه المراكز لتأصيل فكر الجماعة وبعض منهم لا يجد ثمَّة حرج وتردد في الدفاع وبكل ما أُوتي من فصاحة وثقافة عن قادة فكر الاخوان سواء عبر القنوات الاعلامية أو مواقع الانترنت أو في الجلسات الخاصة فكيف يقبل من مثل هؤلاء الثناء على المراكز الصيفية وتمجيدها والتأكيد على سلامتها ظاهرا وباطنا؟!.
وبعد هذا الطرح.. يرد السؤال: هل المراكز الصيفية تدعم وتؤصل الإرهاب؟ ويأتي الجواب ضمنا هل فكر جماعة الإخوان المسلمين يؤصل وقضايا التكفير ويدعم هذا المنهج فإن كانت الاجابة بلا، فالمراكز الصيفية ليست منابع ولا محاضن للإرهاب، وان كانت الاجابة بنعم، فالمراكز الصيفية بؤر وملتقى لتأصيل الارهاب.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.

جريدة الجزيرة – العدد 11989 – الثلاثاء 20 جمادى الثانية 1426.


شارك المحتوى: