المختصر في أحكام المطر

د. عبدالعزيز بن ريس الريس

المختصر في أحكام المطر

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾

أما بعد:

فإن نزول الأمطار رحمة وفضل من الله {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}

ويتعلق بنزول المطر أحكام شرعية منها :

الحكم الأول/ أن يقال عن نزول المطر ” اللهم صيبا نافعاً ” أي صبة مطر لا ضرر فيها ولا هدم، قالت عائشة -رضي الله عنها-: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى المطر، قال: «اللهم صيبا نافعا» أخرجه البخاري.

ويستحب أن يقال عند سماع الرعد: ” سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته “، ثبت في موطأ مالك عن عبد الله بن الزبير، أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث، وقال: “سبحان الذي يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته .”

الحكم الثاني/ يستحب الدعاء عند نزول المطر فإنه من مواضع استجابة الدعاء، روى سعيد بن منصور عن عطاء بن أبي رباح: ثلاث خلال تفتح فيهن أبواب السماء فاغتنموا الدعاء فيهن: عند نزول المطر وعند التقاء الرجفين- أي عند جهاد الكفار- وعند الأذان. صححه الحافظ ابن حجر.

الحكم الثالث/ الجمع لأجل المطر: إن الجمع في المطر مباح كما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم قال ابن عباس ” أراد ألا يحرج أمته ”.

وثبت عند عبد الرزاق عن ابن عمر -رضي الله عنه -أنه جمع بين المغرب والعشاء لأجل المطر.

ثم إن الجمع في المطر لأجل المشقة كابتلال الثياب أو حصول زلق ونحو ذلك، لذا قال ابن عباس: ” أراد ألا يحرج أمته ”. ومن جمع في مطر قليل لا تحصل به مشقة فقد أخطأ وعليه أن يعيد صلاته التي جمعها.

واعلموا أن الجمع في المطر لا يكون لمن صلى في بيته فإنه لا مشقة عليه، وإنما لمن صلى بالمسجد ونحوه كما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمر -رضي الله عنه-.

ولا يكون الجمع في المطر إلا جمع تقديم لا جمع تأخير بالإجماع، قاله ابن تيمية.

الحكم الرابع/ يستحب أن يُخرج ثيابه ومتاعه الذي لا يضره الماء ليصيبه بركة المطر عند أول نزوله، قال ابن أبي مليكة أن ابن عباس كان إذا أمطرت السماء يقول: يا جارية أخرجي سَرجي وأخرجي ثيابي. ويقول: ﴿وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا﴾ رواه البخاري في الأدب المفرد.

الحكم الخامس/ أن من أعظم أسباب قلة المطر الذنوب قال تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا } وقال: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }.

وليس لازم وجود النعم للإنسان ومنها المطر رضا الله، بل قد يكون استدراجا وغير ذلك . قال تعالى { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله …………. أما بعد:

فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس لا يعلمها إلا الله …» وذكر منها نزول المطر، فعلم نزول المطر خاص بالله .

ومما يجب على أصحاب الأرصاد الجوية ألا يجزموا بأن المطر سيحصل في يوم كذا وكذا. فإن هذا خاص بالله وإنما يذكره ظنًا ورجاء من الله، وكم ظنوا أنه سيحصل في يوم كذا ولم يحصل .

واعلموا أن من أعظم بركة المطر أن تنبت الأرض عن أبي هريرة أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ليسَت السَّنَةُ بألا تُمطروا ولكن السنة بأن تمطروا ثم تمطروا ولا تُنْبِتُ الأرض شيئاً “

وقد ضرب الله مثلًا بنبات الأرض بالمطر بالبعث والنشور يوم القيامة قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.

فتذكروا بحياة الأرض بعد موتها يوم بعثكم ونشوركم، فاستعدوا فإن اليوم عمل بلا حساب وغدًا حساب بلا عمل، قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ﴾، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾.

 

اللهم أحسن ختامنا، وثبت أقدامنا

اللهم اجعل ما مننت به علينا من مطر رحمة على العباد والبلاد

اللهم أنبت الأرض اللهم أنبت الأرض

اللهم أوزعنا  شكر نعمتك اللهم أوزعنا شكر نعمتك

اللهم أحينا على التوحيد والسنة وأمتنا على ذلك

وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله

 

 


شارك المحتوى: