المجموعة (867)


يقول السائل: رأيت بعض من يُحارب الإلحاد يدعو بالشك ثم اليقين، كعدنان إبراهيم والسويدان وأمثالهما.

الجواب:
إن طريقة عدنان إبراهيم، وطارق السويدان في محاربة الإلحاد طريقة خطأ، وقد ضلَّ بها كثير من الشباب، منهم من ألحد ومنهم من بقي يعيش في بحار الشكوك والأوهام، إلى غير ذلك، وقد اعترف بهذا جمع من الشباب، لأنهم يسلكون طريقة خطأ كما سيأتي بيانها -إن شاء الله تعالى-.

وينبغي أن يُعلم أن محاربة الإلحاد مطلب شرعي وواجب، لكن لا يجوز أن يُستغل هذا في الدعوة إلى التحزُّب وإلى الفكر الحركي، وقد رأيت بعض الحركيين بدأ يشتهر بمحاربة الإلحاد، فجعل ذلك شراكًا لإيقاع الناس في الفكر الحركي والإخواني وغير ذلك.

تمامًا كما صنعوا سابقًا -ولا زالوا- يتظاهرون بمحاربة العلمانيين والليبراليين، حتى جمعوا العامة عليهم وكسبوا عواطفهم، وإن محاربة الليبراليين والعلمانيية والإلحاد واجب، لكن لا يجوز أن يُجعل شباكًا لدعوة الناس إلى التحزب وغير ذلك، بل يجب أن يقوم المسلم بهذا الواجب لله وفي الله، لا لأجل الدعوة للتحزب وغير هذا.

إذا تبيَّن هذا، فإن الدعوة للشك ثم اليقين لا يصح لا شرعًا ولا عقلًا من أوجه، أذكر بعضها باختصار:

الوجه الأول: أن هذا ما لم تأت به الشريعة، فقد دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة للإسلام قبل إسلامهم، ثم دعاهم بعد ذلك للثبات على الإسلام، ولم يُعرف من طريقته -صلى الله عليه وسلم- ولا من طريقة صحابته أنهم دعوا الناس إلى الشك، بل دعوهم للانتقال من الباطل إلى الحق بالدليل، لا إلى الشك وغير ذلك.

وخير الهدى هو هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام.

الأمر الثاني: أن الدعوة إلى الشك بعد اليقين لا يصح عقلًا، ويتضح هذا بما يلي: فلو أن رجلًا دعا رجلًا وأضافه في بيته، وهذا المدعو لا يدل بيت المُضيف، لكنه تبع رجلًا حتى أوصله إلى بيته، فقد حصل له اليقين بالوصول إلى هذا البيت، فلو قال قائل: إنك وصلت إلى هذا البيت بغير يقين، وإنما بتقليد، فإذن ارجع وحاول أن تجتهد حتى تصل إلى هذا البيت.

فإنه إذا فعل ذلك فإن كل أحد سيعيب عليه هذا الفعل، ويُقال: إن المراد هو الوصول وقد تم وحصل الوصول، وإن الوصول بتقليد خير من عدم الوصول وإن كان الوصول بمعرفة أكمل، لكن ما لا يُدرك كله لا يُترك جُله.

الأمر الثالث: أن يُقال في المثال المتقدم؛ إن من وصل هذا البيت ثم رجع ويُريد أن يصل باجتهاد، فإنه قد لا يصل وقد يضيع فلا يحصل المراد، ومثل ذلك من كان على يقين ثم دُعي للشك لإثبات ذلك بالدليل، فإنه قد لا يرجع، فلذا يكون خاسرًا خسرانًا مبينًا.

وقد صدق الله لما قال: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ [الصف: 5]، فإذن هذه الدعوة باطلة ولا ينبغي أن يُلتفت إليها، ويجب الحذر منها، وقد فصَّلت الكلام على شبهات الملحدين وعلى خطأ الدعوة إلى محاربة الإلحاد في تعليق على رسالة العلامة عبد الرحمن بن سعدي بعنوان: (مناظرة بين ملحد ومؤمن).

أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.


شارك المحتوى: