الكذب والفتاوى المضللة من أبرز سمات التنظيم التكفيري!

د. إبراهيم بن عبدالله المطلق

الكذب والفتاوى المضللة من أبرز سمات التنظيم التكفيري!

د. إبراهيم بن عبداللّه المطلق

الكذب هو الإخبار بخلاف الواقع والكذب مذموم ومحرم شرعاً ويهدي صاحبه إلى صراط الجحيم والكذب مذموم عرفا وقبل بزوغ شمس الإسلام ونور الهداية ففي الجاهلية كانوا يمقتون الكاذب ويقدحون في عدالته ويثنون على الصادق ويصفونه بالأمين فاستحق نبي صلى اللّه عليه وسلم وقبل بعثه هذين اللقبين من زعماء قريش وكبارائها ولقب الصديق – رضي اللّه عنه – بهذا اللقب لاتصافه بالصدق المطلق.
في عصورنا المتأخرة اهتم شبابنا بالدعوة إلى اللّه تعالى رغبة في فضلها وعظيم ثوابها والصدق في الحديث من أهم الصفات التي يجب على الداعية إلى اللّه تعالى أن تكون سمته الدائمة أخذاً بالنصوص من كتاب اللّه تعالى وتأسياً بالنبي صلى اللّه عليه وسلم وسلف هذه الأمة الكرام رضي اللّه عنهم أجمعين.

إلا أنه من الملاحظ على المنتمين إلى التنظيم الحركي التكفيري اتخاذهم الكذب وسيلة في التلاعب بأفكار الناشئة وتغذيتها بالسموم وتلقينها بما يخالف معتقد أهل السنة والجماعة في كثير من القضايا سيما ما يتعلق بشؤون الجهاد في سبيل اللّه تعالى وما يتعلق بشؤون حقوق ولاة الأمور والسمع والطاعة لهم بالمعروف.

من مظاهر كذب قيادات الفكر الحركي التكفيري على الأتباع أن بعضا من هؤلاء القيادات يتخذ من المنبر الذي يتحدث من خلاله للجمهور وسيلة في الشهر والمال والرئاسة فيخاطب الجماهير بما يتوافق مع الرأي العام وبما يحقق له رضا الجميع ومحبتهم له وقبولهم لكلامه ووصفة بالإنصاف والوسطية فإذا انتهى الجمع وانقض الناس وبقي الخاصة في لقاء خاص أو مأدبة خاصة نقض ما قاله في منبره وأكد لهم أن هذا الخطاب ليس لهم وليسوا معنيين به وإنما هو للعامة ولمصلحة التنظيم وهذا كذب صراح وتضليل مبين {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون} وإن كانت هذه الآية وما قبلها وما بعدها نزلت في المنافقين إلا أن قيادات هذا الكفر يلتقون مع المنافقين في هذه الخصلة وغيرها من الخصال ومنها إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان فلا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم.

من مظاهر الكذب أيضاً لدى بعض قيادات الفكر التكفيري أنهم يسألون عن مسألة هامة في منبر علني ويطلب منهم رأي الشريعة فيها يفتون بالحق والدليل الحق الذي لا لبس فيه ولا تضليل فإذا التقى بخواصه فيما بعد نقض كلامه وبالغ في تضليلهم وصدهم من الهدى والصراط المستقيم.

سئل أحد كبار قيادييهم وهو في منبر عام عن بيان صدر من مرجعية شرعية يحذر من الفكر التكفيري والانتماء له ويحذر من قياداته ويؤكد على ضرورة الالتفاف حول العلماء الراسخين في العلم فأثنى على البيان وحث على الاستفادة منه وضرورة المشاركة في نشره وتوزيعه وبعد انتهاء المحاضرة العامة سأله خواصه عن رأيه في البيان ففند كلامه الأول وقال لهم يقصد بهذا البيان (المرجفون في المدينة) يشير إلى الدعاة المخالفين له في توجهه وفكره إمعانا في الكذب على الأتباع وتحذيراً لهم من دعاة الحق.

من مظاهر الكذب لدى بعض هؤلاء القيادات وتضليلهم للناشئة مشاركاتهم في بيانات جماعية تخاطب عواطف الناشئة وتحثهم على الجهاد الإسلامي في أي صقع من أصقاع المعمورة دون بيان وتأصيل لأحكام الشريعة في الجهاد وضوابطه وشروطه الشرعية من وجود الراية الشرعية التي يجب القتال تحت لوائها ومن وجوب إذن ولي أمر المسلمين العام ووجوب إذن الوالدين الشاهد أن أولئك القيادات يؤكدون لأتباعهم في هذه البيانات بوجوب الجهاد في سبيل اللّه مستدلين بنصوصه في القرآن والسنة وليخرجوا أنفسم من اللوم والمسؤولية الشرعية ويخرجوا تلاميذهم ومريديهم من اللبس والحرج يؤكدون لهم سقوط جميع هذه الشروط المشار إليها بحجة اضطهاد إخواننا المسلمين وحاجتهم إلى النصرة ولا يلتفتون إلى الأحكام المشار إليها.

هؤلاء القيادات في قضايا الجهاد يكتفون فقط بالتنظير المؤثر بالأتباع من الناشئة مستخدمين جميع سبل ووسائل وأساليب الإقناع ودغدغة العواطف ويظلون هم قابعين في بيوتهم مغلقين أبوابهم على أنفسهم {يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم} لا يفكرون في حمل لواء الجهاد بأنفسهم بل ولا يقبلون المشاركة في الجهاد لأي من فلذات أكبادهم هم مكتفون بالتضحية ومن أجل الفكر والمنهج بفلذات أكباد الآخرين وهذا صنف من التضليل والكذب والتحايل على النصوص ومخادعة الأمة.

من مظاهر الكذب الصراح خروج ما يسمى بالمرشد الديني في كل قطر من أقطار المسلمين تغلغل فيه هذا الفكر وبالتحديد حينما ينبري من المخلصين وعبر وسائل إعلامية من ينتقد وبكل شفافية أخطاء الفكر ويكشف عواره ويفضحه على الملأ فيبادر المرشد الديني وبدعوة من مريديه وبمباركة واهتمام من بعض القنوات التي اخترقها مثل هذا الفكر وسيطر على برامجها يخرج هذا المرشد ليؤكد لشيوخه وقياداته من مؤسسي الفكر ولاءه التام وبقاءه على نصرة الفكر والمنهج وليواصل الكيل للناس عامة والناشئة خاصة بأصناف الضلال والكذب والبهتان ولي النصوص دون خوف من اللّه تعالى ومراقبة له وخشية من عقابه وحسابه.

من أخطر مظاهر الكذب استثمار بعض المواقف والحوادث التي تصدر من الأعداء إساءة إلى الإسلام ورسوله وأهله فيستغل قيادات الفكر مثل الحدث وبكل ما أوتوا من إمكانات وجماهير ووسائل وغيرها في تحقيق مصالح التنظيم وعقد المؤتمرات التي ظاهرها نصرة الإسلام ورسوله وباطنها تلميع قياداتهم والتآمر على الأنظمة القائمة والفتوى المضلة وفقاً للهوى فإنا للّه وإنا إليه راجعون.

يقول اللّه تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على اللّه الكذب إن الذي يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون}.

ويقول تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا باللّه مالم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على اللّه مالا تعلمون}.

ويقول تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه وكونوا مع الصادقين}.

ويقول الرسول عليه السلام: (… وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند اللّه كذابا).

جريدة الرياض – الأربعاء 21 ربيع الأول 1427هـ – 19 أبريل 2006م – العدد 13813.


شارك المحتوى: