الفرق بين تبيين الحكم الشرعي في المخالفة والمخالف، وبين اتخاذ اجراء من قبل ولي الأمر…

عبدالله بن محمد الشبانات

الفرق بين تبيين الحكم الشرعي في المخالفة والمخالف وبين اتخاذ إجراء من قبل ولي الأمر ضد هذه المخالفة او المخالف

الحمد لله

مقالةٌ قصيرة في السياسة الشرعية والمنهج، عن التفريق بين تبيين الحكمالشرعي و بين اتخاذ الإجراء .

– يمر السلفي في سيره إلى الله في هذه الحياة الدنيا على مواطن ربما يكونفيها شيء من اللبس على تفكيره بسبب بشريته فالمنهج الصحيح حيالها، أنيردها إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وذلك بسؤاله أهل الذكر ومن ذلك أنه

يجب على السلفي أن يُفرّق بين أمرين في أمور المنهج ألا وهو حكم العالِموبيانه في التحذير من المنهج البدعي أيّاً كان،

و منه التحذير أيضاً من أشخاص هذا المنهج إن أقتضت الحالة الشرعية ذلكوبين الإجراءالمتخذ من قبل ولي الأمر الحاكم ضد هذه البدعة أو تلك، أو ضدهذا المخالف أو ذاك، فإن الأخير يدخله التخصيص أو الإستثناء في بعضالحالات ، والدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة حوادث مع المخالفينسواء منافقين أو خوارج أو غيرهم بيّن حكمهم وخطرهم ولم يمنع الصحابةمن التبيين والتحذير منهم ، ولكن عندما طلب الصحابة اتخاذ الإجراء ضدهملم يجبهم إلى طلبهم، وبيّن سبب ذلك، في بعض المواضع :

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (أتريدون أن يتحدث الناس أن محمدا يقتلأصحابه )

ومن ذلك ماحدث في حق ذي الخويصرة فقد قال كلمة كفر بإتهام النبي صلىالله عليه وسلم بعدم إرادةوجه الله تعالى في قسمته للغنيمة، فبيّن النبي صلىالله عليه وسلم جُرم الرجل ومدى مخالفته، وكذلك الصحابة أنكروا ذلك أيّماإنكار، ولكنهم عندما طلبوا من السلطة إتخاذ الإجراء (العقوبة) ضده لم يُنفذوبين صلى الله عليه وسلم بقوله (أتريدون أن يتحدث الناس أنّ محمداً يقتلأصحابه)،

وذلك أنّه صلى الله عليه وسلم كان معه حديثوا العهد بالجاهلية من المسلمينالجدد، وحدوث غير ذلك من الظروف فلما تغيرت هذه الظروف ووصل النبيإلى المدينة أمر الصحابة بقتل ذي الخويصرة لكنه هرب وقتل في حروب الردةبعد ذلك.

الخلاصة: أنّه يجب عدم الربط بين تبيين الحكم الشرعي أي تبيين الضلالة،وبين اتخاذ الإجراء من قِبلولي الأمر من عقوبة مادية كانت أو معنوية، فإنهذه يدخلها التخصيص والاستثناء والنسئ أي التأجيل في التنفيذ الآنيّ، لكنبعض المتحمسين يعدون هذا تناقضاً أو تهاوناً، وحاشاه صلى الله عليه وسلمأن يكون متهاوناً أو متناقضاً أو يكون المنهج السلفي الذي هو منه صلى اللهعليه وسلم وهو إمامه متناقضًا. بل إنّه ربما يتعدى الأمر إلى أن يقرر ولي الأمرعقوبة ما على مخالف بعينه ثم لا يطبق ذلك لمستجد حدث في الأمر؛ فقد أمرصلى الله عليه وسلم بقتل بعض رجالات قريش في فتح مكة ولو تعلقوا بأستارالكعبة، فلما دخل هؤلاء الرجال عليه يطلبون منه الصفح لم يجبهم بادئ ذيبدء، فلما أصرّوا عفا عنهم، فلما خرجوا قال لصحابته: لو قتلتمهوهم أي قبل أنيعفو عنهم، فقال الصحابةلو غمزت لنا يارسول الله لقتلناهم. فقال: ماكانلنبي أن يكون له خائنة أعين.

إن اتخاذ إجراءٍ ضد مخالف ما يختلف اختلافاً كلياً عن تقرير ضلال المخالفةذاتها و اعتبار المتلبس بها مخالفًا ضالاً ويستحق العقوبة، فهذا من التبيين الذيلا يجوز تأخير بيانه عن وقت الحاجة، لكننا نجد الحزبي خصوصًا الإخوانييستغل هذه الحالة للطعن في ولاة الأمر والعلماء واتهامهم بالتناقض، فيتوهمأنّه قد وجد مطعناً وهو لجهله بالدليل فضح نفسه، وبان عواره، وأنّ مثله لايصلح أن يدل الناس على الحق وهو جاهل به، بل إنّ بعض الحزبيين الذينيُظهرون السلفية يحاول تشكيك السلفي في علمائه السلفيين في هذا الموضوعبالذات، وأنّ علمائه السلفيين متناقضين، أو لايريدون منه أن يبين للأمة خطرأهل البدع من الحزبيين، وخصوصاً الإخوانيين منهم،

وما علم هذا الجاهل المتظاهر بالسلفية أنّ هناك فرق بين تبيين حكم المخالفةومرتكبها، وبين اتخاذ الإجراء ضد مرتكب المخالفة بعينه سواء الحزبي أوغيره من قبل ولي الأمر، وأنّ هناك أدلة شرعية صحيحة في هذا الأمر،

وللأسف أنّك تجد بعضاً من إخواننا السلفيين ينصاع نوعاً ما لهؤلاءالمتظاهرين بالسلفية في هذا الشأن، لكن السلفي ولله الحمد سرعان ما يرجعللصواب إذا أُعلم بالدليل، أو إذا ذُكّر بالقواعد السلفية .

زيادة على ما سبق تجد موقفاً تأيديًا من الحزبي للدول الحزبية الإخوانية وهيتقرر في دساتيرها أمورًا تناقض أصول الدين، بل إنّها تشرعنها، فلا نجد لهمطعناً فيها أبداً مع أنّ الأمر مُنصبٌّ على تشريع وليس على أعيان أي أشخاص،ومع أن هذا الحزبي أيضاً ليس له أيّ علاقة شرعية مع هذه الدولة الحزبية الإخوانية.

فيجب عليك أيّها السلفي أن تكون فطِناً وتقطع الطريق على الحزبي ومنشابهه في تشكيكه في موقف ولاة أمرنا وعلمائنا من كل مخالفة ومخالفيتعرض لأصول الدين بالإخلال أو النقض.ا.هـ

كتبه أخوكم /

عبدالله بن محمد الشبانات

في يوم السبت الموافق

١٤٣٨/١٢/١٨هـ


شارك المحتوى: