التعقيب على الشيخ عدنان عبد القادر حول حكم ولاية المتغلب

د. عبدالعزيز بن محمد السعيد

التعقيب على الشيخ عدنان عبد القادر حول حكم ولاية المتغلب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد فقد اطلعت على ما ذكره الشيخ عدنان عبد القادر وفقني الله وإياه للحق ، وعصمنا من الزيغ والباطل .

حول حكم ولاية المتغلب ، والتي صدرها بقوله : (القول ببيعة المغتصب المتغلب على إطلاقه مخالف للكتاب والسنة وإجماع الأمة وأقوال الصحابة ومخالف للنظر”العقل” ومخالف لواقع أفعال العلماء ) ثم ذكر أدلة على ما قال .

وليس الكلام هنا عن بيان عدم دلالة ما ذكره على المطلوب تفصيلا ، ولكن بيان أن الشيخ ـ وفقه الله ـ لم يتصور المسألة وكلام أهل العلم ؛ فأنزل الأدلة على غير محالها ، وحمل كلام أهل العلم على غير محامله ، فأردت هنا بيان ما يفضي إلى التصور الصحيح في هذه المسألة ؛ حتى لايقع الخلط بين المسائل ، أو حمل الأدلة على غير مواضعها الصحيحة ، أو تنزيل كلام أهل العلم على ما لا يوافق المقرر عندهم ، فأقول مستعينا بالله :

أولا : دلت الأدلة على وجوب نصرة الإمام القائم إذا بغي عليه ، كما ذكره أهل العلم عند حديث ( الدين النصيحة ) .

ثانيا : أجمع أهل العلم على نفوذ أحكام ولاية المتغلب ، ووجوب السمع والطاعة له في غير معصية الله ، كما دلت عليه النصوص بإطلاقاتها وعموماتها .

ثالثا : نفاذ أحكام ولاية المتغلب والطاعة له لا يعني جواز فعله ابتداء ، بمعنى أن ذلك النفاذ لايعني أنه يجوز لأحد الخروج على الإمام القائم ولو كان ظالما ، مادام مسلما .

ولهذا الذي ذكره أهل العلم هو صحة ولايته بعد تغلبه رعاية لمصالح الأمة ، لا تسويغا لخروجه على من قبله.

رابعا : إذا علم افتراق الحالين وحكمهما ، وجب تنزيل ما ورد من الأدلة وأقوال أهل العلم على ذلك ، وإلا كان التناقض ومصادرة الإجماع بغير برهان ، كما هو الشأن في المقال المذكور .

خامسا : ما تقدم ذكره هو الذي جرى عليه العمل من القرون الأولى ، فانتقال الحكم من دولة إلى أخرى كان عامته بالتغلب ، ومع ذلك كان أهل العلم يتولون لهم القضاء والولايات، ويرون نفاذ أحكامهم ، ويجاهدون معهم ، ويدينون لهم بالسمع والطاعة ، وينزلون عليهم الأدلة الواردة في ذلك . ومعرفة هذا العمل المتتابع أمر مهم ؛ حتى يعلم أن هذا إجماع عملي منهم على صحة ولاية المتغلب ، فضلا عن المنقول عنهم قولا في ذلك .

هذا وأسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه ، ويجمعنا على الحق والهدى ، ويصلح الراعي والرعية ، إنه سميع مجيب ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

كتبه / عبد العزيز بن محمد السعيد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .

14/10 / 1434 هـ


شارك المحتوى: