التحذير من رسائل الجوال

د. يوسف بن محمد السعيد

التحذير من رسائل الجوال

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ … أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ الْقَوْلَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَو عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم جُرْمٌ عَظِيمٌ، نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْه، وَقَرَنَهُ بِالشِّرْكِ. قَالَ تَعَالَى: { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } وَقَال تَعَالَى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وَقَالَ تَعَالَى: {انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم فِيْمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: ” مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ” وَمَنْ يُرِيدُ الدَّعْوَةَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهَ تَعَالَى سَبِيلَهَا فَقَالَ: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ }

عِبَادَ اللَّهِ: وَإِذَا أَقْبَلَ مَوْسِمٌ مِنْ مَوَاسِمِ الْعِبَادَةِ، كَشَهْرِ رَمَضَانَ ، اجْتَهَدَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فِي نَشْرِ مَا يُرَغِّبُ فِي الْخَيْرِ، وَيَدْعُو إلَيْهِ، وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ لَيْسُوا مِمَّنْ يُمَيِّزُ الصَّحِيحَ مِنْ السَّقِيمِ، وَلَا الْبِدْعَةَ مِنْ السُّنَّةِ، وَقَدْ عَرَفَ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنْ الصُّوْفِيَّةِ وَالرَّافِضَةِ ذَلِكَ، فَصَارُوا يَنْشُرُونَ فِي كَثِيرٍ مِنْ وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ وَوَسَائِلِ الِاتِّصَالِ الْحَدِيثَةِ بِدَعًا، فَمِنْهُم مَنْ يَشْرَعُ عِبَادَةً آخَرَ شَهْرِ شَعْبَانَ كَإِطْعَامِ الطَّعَامِ، أَو صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْشُرُ دُعَاءَ يَوْمٍ بِعَيْنِه، فَيَزْعُمُ أَنَّ هَذَا دُعَاءُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَآخَرُ يَقُوْلُ: هَذَا أَفْضَلُ دُعَاءٍ تَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتَ أَو أَمْسَيْت، أَوْ أَنَّهُ يَقِيْكَ المَكَارِهَ أَوْ أَنَّ هَذَا دُعَاءُ شَهْرِ كَذَا وَكَذَا، وَيَأْتُونَ بِأَدْعِيَةٍ لَم يَأْتِ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى الْتِزَامِهَا أَوْ يُوْهِمُوْنَهُمْ بِأَنَّهَا ذَاتُ فَضْلٍ، وَرُبَّمَا أَتَوْا بِأَحَادِيثَ مَكْذُوبَةٍ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فِيهَا تَرْغِيبٌ أَوْ تَرْهِيبٌ، أوْ فَتَاوَى مَكْذُوبَةٍ عَلَى عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَدْ يَكُون الْمُتَكَلِّم أَو الْمُفْتِي ثِقَةً وَلَكِنْ زَلَّتْ بِهِ الْقَدَمُ، أَو أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ، فَأَحَلَّ أَمْرًا أَوْ حَرَّمَ أَمْرًا خِلَافَ النُّصُوص، أَوْ صُوِّرَ فِي مَوْضِعٍ حَمَلَهُ عَلَى حُضُورِهِ مَا لَه عُذْر فِيْه، فَيَتَدَاوَلُهَا النَّاسُ ثِقَةً بِالْمُرْسَلِ، وَحِرْصًا عَلَى الْخَيْرِ ، فَيَضِلُّ بِه مَنْ اتَّبَعَهُ، فَالْحِرْصُ عَلَى الْخَيْرِ، لا يَنْبَغِي أَنْ يَحْمِلَ الْإِنْسَانَ عَلَى نَشْرِ كُلِّ مَا يَصِلُه، بَلْ الوَاجِبُ التَّثَبُّتُ وَسُؤَالُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَ نَشْرِ أَيِّ شَيْءٍ، فَإِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِيْنٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ، بَارَكَ اللَّهُ…

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إحْسَانِهِ… أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، وَاجْتَهَدُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ فِي التَّعَاوُنِ مَعْ الْجِهَاتِ الْمَوْثُوقَةِ، بِدَلَالَةِ النَّاسِ عَلَيْهَا، وَدَعُوا الْعَجَلَةَ فِي نَشْرِ كُلِّ شَيْءٍ ، وَلَا تَكُوْنُوا عَوْنًا لِلشَّيَاطِيْنَ. وَمَا يَقُوْمُ بِه الْجُهَّالُ مِنْ سُؤَالِكَ بِاَللَّهِ أَنْ تَنْشُرَ مَا وَصَلَ إلَيْكَ، أَوْ أَنْ يَقُوْلَ: هَذِهِ أَمَانَةٌ لَدَيْكَ، أَو يَدْعُو عَلَى مَنْ وَصَلَتْهُ وَلَمْ يَنْشُرْهَا، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا يَلْزَمُكَ شَيْءٌ مِنْهُ، وَلَسْتَ بِآثِمٍ، وَلَسْتَ بِكَاتِمِ عِلْمٍ، بَلْ الْغَالِبُ أَنَّ مَنْ يَكْتُبُ هَذَا فَإِنَّمَا هُو جَاهِلٌ أَوْ صَاحِبُ هَوَى. وَكِلَاهُمَا لَا يَجُوْزُ الأَخْذُ عَنْهُ . هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا…


شارك المحتوى: