“الإمام المجدد” عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل !!

د. إبراهيم بن عبدالله المطلق

“الإمام المجدد” عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل !!

ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس ( كل ) مائة سنة مَنْ يجدد لها دينها ) وهذا الحديث صريح في بعث الله تعالى مجدد لهذا الدين على رأٍس كل مائة سنة ولا يوجد في الحديث ما يدل على أن لقب مجدد خاص بالعلماء دون الأمراء بل ربما يأتي من يجدد لهذه الأمة أمر دينها لا بالعلم والحجة ولكن بالسنان والقوة فكما أن العلم سلاح العالم في الدعوة إلى الله تعالى وإقامة الحجج على المبطلين وتفنيد شبه المشبهين فكذلك السيف سلاح السلطان والحاكم في إلزام الناس بالحق وأطرهم عليه أطرا .
التاريخ ملئ بالشواهد على أن من الحكام والأمراء من يستحق لقب الإمام المجدد ففتنة القول بخلق القرآن لم يكن لينطفي لهيبها ويخبأ شررها لو لم يهيأ الله تعالى لها حاكم مقسط من حكام بني العباس أنفسهم ومع توفر عدد كبير من العلماء والفقهاء في تلكم الحقبة الزمنية إلا أن الفتنة زاد سعيرها وأحرق لهبها عدد من أئمة الدين وعلماء الملة ومنهم من فتن ومنهم من ثبته الله ونصر به السنة كالإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى .
إن لقب مجدد جاء على لسان إمام المرسلين وسيد الخلق أجمعين فالفوز به لا ريب شرف وكرامة وعز وسؤدد ورفعة لصاحبه في الدنيا والآخرة.
والمقصود بالتجديد هنا تجديد الدين على التوحيد والسنة ومعتقد سلف الأمة فمن وفق لذلك فهو الأجدر بهذا اللقب ومن هدي لتجديد دعوات هالكة ومناهج منحرفة وعقائد باطلة فهو مجدد لدعوة الشيطان لا دعوة الإيمان .
وقراءة لأبرز أحداث التاريخ يجد المتأمل أن عددا من السلاطين والحكام والأمراء من جدد الله بهم أمر هذا الدين ونصر بهم الحق.
إن مما تعارف عليه الناس أن لقب الإمام المجدد حينما تطلق في عصرنا الحاضر تنصرف إلى الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى دون غيره وهو حقيقة إمام مجدد وهو من أجدر من يستحق هذا اللقب.
وتعارف الناس على إطلاق لقب الإمام مجردة على عدد من أئمة الدعوة من أبناء وأحفاد وتلاميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وعدد من أئمة الدولة بدءا بالإمام محمد بن سعود وأبنائه وأحفاده والإمام تركي بن عبد الله وأبنائهم رحمهم الله جميعا .
وفي نظري ورؤيتي الخاصة أن عددا من أئمة الدعوة من بعد الشيخ محمد يستحقون لقب الإمام المجدد كالإمامين عبد الرحمن بن حسن وابنه عبد اللطيف رحمهما الله والإمام عبد الله بن عبد اللطيف والإمام محمد ابن إبراهيم والإمام عبد العزيز بن باز رحمهم الله جميعا .
والسؤال هنا : ماذا لو كان المجدد حاكما عابدا لله تعالى على السنة ملتزما بمعتقد أهل السنة والجماعة وهدي سلف الأمة ولم يكن عالما لكنه بسلطانه وقوته استطاع أن يعيد الناس إلى دعوة التوحيد ويجدد لهم شئون دينهم وعباداتهم ألا يستحق لقب مجدد فكيف إذا جمع الحاكم بين العلم والقوة ؟!!
إن عددا من أئمة الدولة من آل سعود يستحقون لقلب الإمام المجدد بدءا بالإمام محمد سعود والذي يعد شريكا رئيسا وحقيقيا للإمام محمد بن عبد الوهاب في التجديد لهذا الدين فالأول بعلمه ودعوته والثاني بسلطانه وقوته وهيبته.
كما أن الإمام تركي بن عبد الله مؤسس الدولة السعودية في مرحلتها الثانية أيضا يستحق في نظري لقب الإمام المجدد فقد انفرد في عصره رحمه الله بتجديد دعوة التوحيد وتجديد بناء دولته ولو الله ثم جهاده لبقي المجتمع كما كانوا قبل الدعوة .
إن لقب الإمام المجدد يستحقه وبجدارة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل رحمه الله والذي تعارف الناس على تلقيبه بالملك والمؤسس والموحد فقط وفي نظري أنه رحمه الله من أجدر أئمة آل سعود بلقب الإمام المجدد لجهاده العظيم في نصرة دعوة التوحيد وجهوده المباركة في توحيد الأمة وجمع شتاتها وقد جمع رحمه الله بين خصال كريمة تؤكد استحقاقه لهذا اللقب من أهمها العلم فقد كان من حفظة كتاب الله تعالى وقد طلب العلم على عدد من علماء الرياض في صغره وجمع مع هذه الخصلة التقوى والورع والخوف من الله تعالى والقوة والسلطان فاجتمعت القلوب على محبته ولهجت الألسن بالدعاء له ووحد الله به الجزيرة على عقيدة التوحيد والكتاب والسنة وجمع الله به شمل المجتمع ولم به شتاته ووحد به كلمته أفلا يستحق رحمه الله لقب الإمام المجدد شرفا ووساما تضاف إلى “لقب” الملك والمؤسس والموحد .
والله من وراء القصد ،،،

د. إبراهيم بن عبد الله المطلق

جريدة الجزيرة – الجمعة 18 جمادى الأول 1429 – 23 مايو 2008 – العدد 13021.


شارك المحتوى: