أحكام الاستثناء


أحكام الاستثناء

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ… أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، وَتُوبُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ.

عِبَادَ اللَّهِ: يَقُوْلُ اللَّهُ تَعَالَى: { وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا . إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } فَقَوْلُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْأُمُورِ الْمُسْتَقْبَلَةِ مِمَّا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُدَاوِمُ عَلَيْهِ وَيَأْمُرُ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِم السَّلَامُ مِنْ قَبْلِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَن الذَّبِيحِ إسْمَاعِيلَ صلى الله عليه وسلم { قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ } وَأُخْبَرَ عَنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ{ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ }وَأُخْبَرَ عَن كَلِيمِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: { قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا }وَأُخْبَرَ عَن الرَّجُل الصَّالِحِ صَاحِبِ مَدْيَنَ الَّذِي أَنْكَح مُوسَى إحْدَى ابْنَتَيْه أَنَّهُ { قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ }.

عِبَادَ اللَّهِ: وَأَمَّا الطَّلَبُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَسُؤَالُه وَدُعَاؤُه، فَلا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَقُوْلَ: إِنْ شَاءَ اللهُ فِيْهَا، كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْعَوَّام حِيْنَ يَقُوْلُ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَو يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَه يُحِبُّ مَنْ يَعْزِمُ فِي مَسْأَلَتِه، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِذَلِكَ، يَقُوْلُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيْمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ:” إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ، وَلَا يَقُلْ: اللهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي، فَإِنَّ اللهَ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ ” وَيَقُولُ صلى الله عليه وسلم فِيْمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَيْضًا:” إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلْ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، وَلَكِنْ لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ” وَيَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيْمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ:” لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ، فَإِنَّ اللهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ، لَا مُكْرِهَ لَهُ” بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُم…

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إحْسَانِهِ… أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، وَاعْلَمُوا رَحِمَكُم اللَّهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَوْلُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْيَمِينِ عَلَى شَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَمَنْ قَالهَاَ وَلَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ لَم يَحْنَثْ فِي حَلِفِهِ، رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:” قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً، كُلُّهُنَّ تَأْتِي بِغُلَامٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ – أَوِ الْمَلَكُ -: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ، فَلَمْ تَأْتِ وَاحِدَةٌ مِنْ نِسَائِهِ إِلَّا وَاحِدَةٌ جَاءَتْ بِشِقِّ غُلَامٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَلَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ دَرَكًا لَهُ فِي حَاجَتِهِ” هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّموا…


شارك المحتوى: