الشهر: February 2019
داعية يسخر بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
محمد بن علي الجوني
داعية يسخر بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم نبتت نابتةٌ بيننا تحكّم عقلها القاصر على السُنّة، وتظنّ أنّ ما انقدح في أذهانها هو الميزان الحقّ الذي يجب الرجوع إليه، ووزن الأحاديث بناءً على معاييره، فتقبل ما تظنّهُ منسجماً مع أهوائها وأغراضها، وتردُّ ما لم يتّفق مع مطالبها ومصالحها، وبعضهم لا يواري ولا يداجي في التّصريح بشيء من ذلك. وقد سمعت بعض المدّعين الانتساب للعلم الشرعي إذا حُدّث بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ” تسمع وتُطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك “. أكمله ضاحكا: وإن اغتصب عرضك !! كثير منهم لا يعبأ بالأحاديث الصحيحة ولا يرفع بها رأساً، وإن وجدتّه أقرّ بثبوتها، فهو يتأولها ويصرفها عن مقتضياتها. ومنهم من يطعن في ما يسميه بالجامية تنفيرا منها وتشويها لعلمائها، ويدّعي أن هذا هو فهمها للدين في هذه المسائل العظام، والذي أُنتجَ في مصانع الذلّة والمهانة، وطُبخ على نار السّكوت عن قولة الحقّ ! ومنهم من يكذّب الأحاديث صراحة، زاعما أنّ الإيمان بها والتسليم بمعانيها فيه تشريع للاستبداد وتسويغ للظلم. لذلك يجب على السلفيين أن يُظهروا منهج السلف الصالح في هذه المسائل، وأن يعلنوا في جميع المحافل عنه، وأن يبينوا للنّاس أنّ هذه عقيدةٌ نعتقدها ودين ندين الله به، فلن نتراجع عنه ولن …
حول بيان القرضاوي
محمد بن علي الجوني
حول بيان القرضاوي قرأت بيان يوسف القرضاوي حول الأحداث، فوجدته بيانا سيئا جدا، لا أبالغ إن قلت إنه أسوأ من خطابات نصر الله ومن لف لفه. كلام القرضاوي ينضح بالحقد على هذه البلاد ويغلي بالضغينة على بقية أشقائها الذين طاروا في الهيعة للوقوف في صفها. كان محبا للرافضة حريصا على التودد إليهم والتقارب معهم، فلما تبين له خبثهم ومكرهم وفتكهم بأهل السنة في بلاد الشام وغيرها، تبرأ منهم، وأعلن رجوعه عن خطئه، وأسفه على ما كان منه، وصرح بأن ما عليه علماء الدين في السعودية هو الحق الذي كان خافيا عنه، والذي لا ينبغي لأحد العدول عنه. واليوم ها هو يكرر أخطاءه، ويقف بكلامه هذا في عدوة الخصوم ومربع الأعداء، ولا شك أن هذا الموقف يعد أثرا من آثار التحزب الذي يعمي ويصم. إن التحزب فيروس ينخر في جسد صاحبه، فيعطب جهازه المناعي، فتتمكن منه الأهواء وتحل فيه كل آفه، والتحزب يفسد تصور صاحبه، ويخرب منظومته الفكرية، فيرى الأمور على غير حقيقتها، ويقدم- نتيجة لذلك- مصالح حزبه وجماعته ورموزه على مصالح الأمة، وإن أدى ذلك إلى هلاكها وتبديد شملها. إن التحزب لعنة حلت بالأمة، ومصيبة نزلت بدارها، فكانت سببا في تفرقها وتنازعها وفشلها وذهاب ريحها. إن المعركة اليوم معركة وجود …
خاطرة في التقلب والتحير والاضطراب
محمد بن علي الجوني
خاطرة في التقلب والتحير والاضطراب التقلب والاضطراب ليس في هذا العصر فحسب؛ بل وجدته في تراجم بعض الأولين، فعلى الإنسان أن يديم الضراعة إلى الله أن يثبته على الحق إلى أن يلقاه. وإذا كان على منهج باطل أو سار في طريق معوج؛ فلا معنى للمكابرة والعناد والتمسك بالباطل والتضحية بالنفس دونه، ولا غضاضة عليه في هذه الحال أن يراجع الحق ويتبع الهدى ويميت حظوظ النفس وأهواءها فإن الحق قديم. فإن الثبات يمدح إذا كان على الحق، فيقتدى بأهله ويثنى على صبرهم وقيامهم بتكاليفه، أما الثبات على الباطل فحال صاحبه كحال الماء الآسن الذي لا يتغير، فلا نفع فيه ولا فائدة ترجى منه، بل هو مجمع للآفات الضارة والهوام المفسدة. ومن أعظم ما يكون به فساد الأديان، تقديس الرجال والغلو في أقدارهم، وجعل أقوالهم بمفردها معايير للحق، فإن هذا من أعظم البلاء الذي فتك بالأمم السابقة فأوقع أحبارها ورهبانها في الشرك بالله وتحليل الحرام وتحريم الحلال والقول على الله بغير علم. ولا تكون نجاة العبد إلا باستمطار الخير والهدى كله من الله، وأن ينزل العلماء منزلتهم التي أنزلهم الله، فهم أدلاء على الحق، يكشفون مواضعه ويستنبطون معانيه، وليسوا معصومين من الخطأ ولا منزهين عن الإرادات الفاسدة. ومما يكون به الافتتان والتحير والتغير، الثقة …
الخوارج وتفجير المساجد
محمد بن علي الجوني
الخوارج وتفجير المساجد يستغرب بعض الناس، كيف بلغ الغلو بهؤلاء الخوارج ذروته، حتى وصلوا إلى تفجير المساجد، تلك البيوت التي أذن الله برفعها، وأن يُذكر اسمهُ وحدهُ فيها. كيف بلغت بهم الجراءة على الحرمات والتخوض في الدماء إلى أن يستسلهوا قتل المصلين العابدين الراكعين الساجدين ؟ كيف وصلوا إلى هذا الدرك الأسفل والقعر السحيق من الضّلال والهوى والإفساد في الأرض ؟ إنّ المشركين في الجاهليّة كانوا يعظّمون الأشهر الحرم، وقد كان الرجل يلقى قاتل أبيه فلا يمسّه بأذى ولا يصيبه بسوء حتى تخرج الأشهر الحُرُم، وكان الرجل منهم يلقى قاتل أخيه في البيت الحرام فلا يعرضُ له، تشريفا للبيت الحرام، وتعظيما لما بقوا عليه من دين إبراهيم عليه السلام. إنّ المسلم الذي ما زال على الفطرة السّوية، ولم يمسس عقله سوء، ولم يتلطّخ بشيء من أوضار الأهواء، يستنكر هذه القبائح، ويستشنع هذه الفعائل، ويستغرب صدورها ممن يتظاهر بالدين ويتمسح بالشريعة. إنّ من يقلّب إرشيف الخوارج، ويفتح ملفاتهم، ويفتّش في صفحات تاريخهم الأسود المسطور بحروف مدادها خيانة الأمة والغدر بالمصلين والترويع للآمنين، خاصة في أوقات الفتن، وعند الحاجة إلى ائتلاف قلوب النّاس، يعرف حقيقة أمر كلاب النّار، ولا يغترّ بعد ذلك بشيء من شعاراتهم الكاذبة ودعاويهم المخادعة. يجب أن يعرف المسلمون حقيقة …
إلى أين يريدون المضيّ بنا ؟
محمد بن علي الجوني
إلى أين يريدون المضيّ بنا ؟ تحت دعوى الجهاد العالمي، أعلن سفهاء الأحلام حربًا مفتوحة، ومواجهةً عبثيّة دامية مع أمم الأرض كلّها. والجهاد له شرائط معلومة، وضوابط محرّرة، وقيود منصوصة تُستقى من كتاب الله ومن سُنّة وهدي وسيرة نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، ومما قعّده وأصّلهُ وبيّن موارده وأحكامه ومناطاته أهل العلم المؤتمنين في مصنّفاتهم وتآليفهم. نعم والله، كلّ أمم الأرض قاطبة، وجميع دول العالم من غير استثناء، جعلها حُدثاء الأسنان دار حرب، مهما اختلفت أجناسها وأعراقها، ومهما تعددت أديانها وألوانها أو تباينت مصالحها ومطامحها، لا يُحيّدون جبهة، ولا يُهادنون ملّة، ولا يتوقّفون عن التحرّش بطائفة !! وكلّ من لا يجرّ أذياله خلفهم، ويفكّر برؤوسهم، وينظر بأعينهم، ويصدّقهم بكذبهم، ويعينهم في باطلهم، فهو من أخصام الدين والمرتدين عنه، لكونه حسب زعمهم، لا يألم للمسلمين ولا يبذل نفسه دونهم، ولا يدري شيئا عن بؤسهم ومعاناتهم وشقائهم ! بعد تهديداتهم العابرة للقارات، أصبح العالم كلّة ميدانًا لعبثهم، ومرمى لطيشهم، وساحةً لتخريبهم، فورّطوا -والله حسيبهم- المسلمين في معارك استئصالية، وإبادات جماعيّة في مواجهة قوى وتحالفات لا قِبَل لهم بها، ولا طاقة لشعوبهم ومواردهم وقدراتهم بجحيم بطشها وجبروتها وطغيانها. فزادت جراح المسلمين، واستفحلت آلامهم ومصائبهم التي يئنّون منها، فصار حال هؤلاء السفهاء كالذي أراد أن يرقع …
قوانين اللعبة تغيرت !
محمد بن علي الجوني
قوانين اللعبة تغيرت ! هذه آثار اللحى ما تزال على وجوههم بادية، إنّ بقاياها قارّة على أذقانهم، لعلّ الوقت لم يسعفهم بعدُ لإزالتها وإلغائها ومحوها بالكلية، أو أنّ لزوم الصّنعة، وفقه المرحلة، والحاجة إلى استبقاء الأتباع، يستوجب إعفاءها والتحلّي بها. على أية حال ؛ فإنّ منهم من كان قبل برهة من الزمن يكفّر المجتمعات، ويتبرّأ من الحكومات، ويتّهم الحاكم والمحكوم على حدّ سواء بالردة عن الدين، والامتناع عن الإذعان لتحكيم الشّريعة. ومنهم من لم يكن كذلك، بل كان ضررهٌ على نفسه، وحرابُه مسدّدةٌ إلى نحره، فيتخيّر الأنكى من الأقوال، والأعنت من الاختيارات، تشهّيا ليتديّن بها، ويدعو أتباعه ومن التفّ حوله إليها. ومن هؤلاء من كان قبل هذا، قد نصب من نفسه قيّما على أهل البدع والمقالات المخالفة، فكان يظنّ أنّ في قلبه الإيمان الحقّ، واليقين الراسخ، وفي يده الآلة العلمية والعدّة الشّرعية الكافية لهتك بدع المبتدعين وإظهار عوار المضلّين، فغلا في هذا الباب وبدع أهل السنة بأهون الأسباب ! ومن المعلوم بداهة أنّ الحكم بالبدعة أمر ثقيل، يحتاج إلى أدلة وبراهين وعلم راسخ بعقيدة أهل السنّة والأثر، ودراية واسعة بالمقالات الحادثة. ومنهم من كان يظنّ أنّ أمة محمد صلى الله عليه وسلم قد هلكت، أو أنها قد مرقت من دين الله وخرجت من …