رسالة إلى المتعاطفين مع السرورية أثناء الهجمة العلمانية


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته … أما بعد:

فهذه:

[[ رسالة إلى المتعاطفين مع السرورية أثناء الهجمة العلمانية ]]

بعضهم يستنكر أن يُرد على السرورية والإخوانيين في ذات الوقت الذي يُرد فيه على العلمانيين والملاحدة، بحجة أن ذلك يُضعف الصف الإسلامي ولابد من (وحدة الصف) ضد الهجمة العلمانية.

لكن الغريب أنهم في المقابل لا يلتزمون مبدأ (وحدة الصف) حينما تكون أنت (يا من ترد على السرورية) خصمًا لهم، مع أنك رجل سلفي وعلى المنهج الصحيح، فيُشددون عليك تزامنًا مع ردهم – إن صح تسمية ما يفعلونه ردًا – على العلمانيين …

فلو اعتبرنا أن الرد على السرورية وإضعاف (وحدة الصف) في وقت الهجمة العلمانية خطأ يستحق الرد عليه (أثناء الهجمة العلمانية) ، فهل هذا الخطأ أشد من خطأ وضلالات ومخالفات السرورية الكثيرة لأصول السنة التي يجب السكوت عنها (أثناء الهجمة العلمانية)؟؟

ولماذا هذه الشدة على أهل السنة في وقت الهجمة العلمانيين على الإسلام؟ – على مبدئكم – فهل تم إبعاد السلفيين من مبدأ (وحدة الصف) واقتُصر على السرورية؟

وما هي المفسدة العظيمة على دين الإسلام إذا رددنا على كُل مبطل مبتدعًا كان أو داعية كفر وإلحاد كالعلمانيين؟!

وأنقل رسالة لشيخنا الفاضل حمد بن عبد العزيز العتيق في الرد على أمثال هؤلاء المتعاطفين مع السرورية وأهل البدع بحجة (وحدة الصف):

قال الشيخ حمد العتيق -حفظه الله تعالى- في رسالته: (شذور ولطائف في آداب الرد على المخالف):

“فصل: في بعض الشبهات أو الأخطاء في الرد على المخالف:
الشبهة الأولى: أنه لا يجوز الرد علي المنتسبين لأهل القبلة حين تسلط الكفار، ونحن الآن في معركة مع الكفار فلابد أن نبدأ بالعدو الخارجي قبل أن نرد على المخطئ الداخلي، من أهل الإسلام، ويقولون: إن شيخ الإسلام خرج مع الأشاعرة ومع المعتزلة ومع غيرهم في قتال الكفار، فينبغي أن نقف مع هؤلاء صفاً واحداً ضد الكفار، وندع الرد عليهم، والذي تولى كبر الترويج لهذه الشبهة الإخوان المسلمون وأتباعهم، ومنهم صلاح الصاوي في كتابة الثوابت والمتغيرات في مسيرة العمل الإسلامي.

والجواب عن هذه الشبهة من وجوه:

الوجه الأول: ما حال النبي -صلى الله عليه وسلم- حين تسلط الكفار؟! هل ترك المخالفين ولم يرد عليهم من أجل تسلط الكفار؟! روى الترمذي بإسناد صحيح من حديث أبي وأقد الليثي رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى حنين وللمشركين سدرة ينوطون بها أسلحتهم ويعكفون عندها يقال لها ذات أنواط، فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال: «سبحان الله! إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، قال إنكم قوم تجهلون} لتركبن سنن من كان قبلكم».

فلم يقل النبي -صلى الله عليه وسلم-: نحن خارجون للقتال، ونحن على مقربة من الكفار والمشركين، دعونا ننتهي من المشركين والكفار ثم بعد ذلك نرد عليهم، كلا، بل بدأ بهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم أنه لو قابل الكفار مع هذا الاعتقاد الفاسد عند بعض المقاتلين، فقد يكون هذا الاعتقاد الفاسد هو سبب هزيمة المسلمين.

الوجه الثاني: أن تسلط الكفار على المسلمين أو بعضهم لم يتوقف منذ بُعث النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم، ولازم قولهم أن لا نقوم بواجب الرد علي المخالف منذ بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا.

الوجه الثالث: أن المخالفة في دين الله من أسباب تسلط الكفار، وبالمقابل إن من أعظم أسباب دفع الكفار إصلاح المخالف، فكيف نرجو من الله عز وجل أن يدفع عنا الكفار وبعض من معنا وفينا من المنتسبين للإسلام من يستغيث بغير الله، ومنهم من يذبح لغير الله، ومنهم من ينذر لغير الله، ومنهم من يرد ويستهزئ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم -والعياذ بالله-، كيف سينصرنا الله عز وجل مع وجود هذه المخالفات العظيمة، ومعلوم أن المسلمين هزموا يوم أحد، ويوم حنين بسبب مخالفة واحدة من بعضهم، فنحن والمخالفون في سفينة واحدة فإن تركناهم يخرقونها واشتغلنا بالعدو غرقنا جميعاً ، وإن أخذنا على أيديهم نجونا جميعاً، كما في حديث النعمان بن بشير ت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا».

وقال الشيخ ابن باز -في رده على الصابوني الذي يرى أن سكوت كل فرقة من فرق المسلمين عن الأخرى هو الحل لنجتمع ضد العدو الخارجي- فرد عليه قائلاً: الواجب على المسلمين رد ما تنازعوا فيه في العقيدة وغيرها إلى الله سبحانه وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- وبذلك يتضح الحق لهم وتجتمع كلمتهم عليه ويتحد صفهم ضد أعدائهم. أما بقاء كل طائفة على ما لديها من باطل وعدم التسليم للطائفة الأخرى فيما هي عليه من الحق فهذا هو المحذور والمنهي عنه وهو سبب تسليط الأعداء على المسلمين، واللوم كل اللوم على من تمسك بالباطل وأبى أن ينصاع إلى الحق، أما من تمسك بالحق ودعا إليه وأوضح بطلان ما خالفه فهذا لا لوم عليه بل هو مشكور وله أجران أجر اجتهاده وأجر إصابته للحق. أهـ من [مجموع الفتاوى للشيخ (3/100)].

الوجه الرابع: قد أخذ الله العهد والميثاق على أهل العلم بالبيان، وعدم كتم العلم، وتوعد الله بالوعيد الشديد على من خالف ذلك، ومن ذلك الرد على من أخطأ في دين الله، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّـهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ﴾ [آل عمران:187]، قال ابن باز: (لو سكت أهل الحق عن بيان الحق لاستمر المخطئون على أخطائهم، وقلّدهم غيرهم في ذلك، وباء الساكتون بإثم الكتمان الذي توعّدهم الله في قوله سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّـهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [١٥٩] إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَـٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 159،160]، وقد أخذ الله على علماء أهل الكتاب الميثاق لتبيننه للناس ولا تكتمونه، وذمّهم على نبذه وراء ظهورهم، وحذرنا من اتّباعهم، فإذا سكت أهل السنة عن بيان أخطاء من خالف الكتاب والسنة شابهوا بذلك أهل الكتاب المغضوب عليهم والضالين) اهـ من مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبد العزيز بن باز (3/72).

الوجه الخامس: أنه لا تلازم بين قتال الكفار، وترك الرد على المبتدعة والضلال والمخالفين، بل إننا إذا أعاننا الله عز وجل وهيأ لنا من السبل والقدرة، فإننا نستطيع بإذن الله أن نرد تسلط الكفار مع الرد على المخالفين من أهل الإسلام.

وأخيراً يقولون: إن شيخ الإسلام خرج مع الأشاعرة ومع المعتزلة ومع غيرهم في قتال الكفار، فينبغي أن نقف مع هؤلاء صفاً واحداً ضد الكفار، وندع الرد عليهم، فالجواب من وجهين:

– الأول: أن ابن تيمية اعتزل فترة من الزمن قتال التتار لِمَا رأى: من مظاهر الشرك والمخالفة لدين الله تعالى حين القتال، وقال في بيان ذلك -في كتابه [الرد على البكري/377-]: حتى إن العدو الخارج عن شريعة الإسلام لما قدم دمشق خرجوا يستغيثون بالموتى عند القبور التي يرجون عندها كشف ضرهم، وقال بعض الشعراء:
يا خائفين من التتر * لوذوا بقبر أبي عمر
عوذوا بقبر أبي عمر* ينجيكم من الضرر
فقلت لهم: هؤلاء الذين تستغيثون بهم لو كانوا معكم في القتال لانهزموا كما انهزم من انهزم من المسلمين، يوم أحد فإنه كان قد قضي أن العسكر ينكسر لأسباب اقتضت ذلك، ولحكمة كانت لله عز وجل في ذلك، ولهذا كان أهل المعرفة بالدين لم يقاتلوا في تلك المرة لعدم القتال الشرعي الذي أمر الله به ورسوله، ولِما يحصل في ذلك من الشر والفساد، وانتفاء النصرة المطلوبة من القتال، فلا يكون فيه ثواب الدنيا ولا ثواب الآخرة لمن عرف هذا وهذ”. .انتهى كلامه -رحمه الله تعالى-.

– الثاني: في الرد عليهم: لو سلمنا لهم أن شيخ الإسلام خرج مع الأشاعرة والمعتزلة والجهمية والصوفية، فهل سكت شيخ الإسلام ابن تيمية عنهم؟! كلا بل أكثر كتب شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- كانت في الرد عليهم وأمثالهم، فليقوموا بمثل ما قام به شيخ الإسلام رحمه الله تعالى”.

انتهى كلام الشيخ حمد العتيق -حفظه الله تعالى-.

ثم قال الشيخ حمد العتيق -حفظه الله تعالى- في رده على شبهة مماثلة:

“الشبهة الثامنة: خطأ الاهتمام بالرد على المخالفين والمبتدعة من أهل الإسلام، وترك الرد على اليهود والنصارى وأمثالهم.
والجواب من وجوه:
الأول: أن خطر أهل البدع أعظم من خطر الكفار الأصليين، وذلك لأن شر المبتدع لا يظهر لكثير من أهل الإسلام، ولا يؤمَن على كثير منهم الاغترار بالمبتدعة لأنهم يتكلمون باسم الدين، أما الكافر الأصلي من اليهود والنصارى فشرُّه واضح وضرره بين، وهذا الفرق بين لكل عاقل فطن قرأ التاريخ، فكم من المسلمين ضل بسبب شبهات اليهود والنصارى؟! وكم من المسلمين ضل بسبب شبهات المبتدعة؟! لا سواء، بل لا مقارنة أصلاً، لذا فإن أهل السنة يعاملون المبتدعة في الدنيا أشد من معاملة الكفار الأصليين، قال الْفضيل: (آكُلُ طَعام اَلْيهودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ ولا آكُلُ طَعامَ صاحِبِ بِدْعَة. (الإبانة 197)، وكانت عنايتهم بحماية السنة والرد على المبتدعة أكثر من عنايتهم بالرد على الكفار الأصليين، ومن تأمل كلام الإمام أحمد، وسفيان، وحمّاد بن زيد، و حمّاد بن سلمة، والأوزاعي، وإسحاق، وعلي بن المديني، وغيرهم من أئمة السنة، وجد أن جُلّ كلامهم وجهادهم إنما هو في الرد على المبتدعة، وفي نقض أصولهم المحدثة، قال ابن تيمية: ‏‏ ولولا من يقيمه اللّه لدفع ضرر هؤلاء –يعني أهل البدع- لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب –يعني الكافرين-، فإن هؤلاء إذا استولوا، لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء).ا.هـ من [الفتاوى (28/232)].

الثاني: أن العناية بالرد على المخالفين الداخليين المنتسبين للإسلام، وسيلة للوقوف في وجه المخالفين الخارجيين من الكفار والمشركين، وذلك أن من أعظم أسباب تسلط الكفار واستطالتهم على المسلمين، وجود أولئك المخالفين، بل إن المخالفين الداخليين كانوا في كثير من الأحيان اليد الخفية التي يضرب بها العدوُ الخارجيُ أهلَ الإسلام، ويستخدمها للسيطرة عليهم، وما أخبار الرافضة كابن العلقمي، وتواطؤهم على إسقاط دولة الإسلام والسنة بخافية على كل عارف.

قال ابن القيم في تقرير هذين الجوابين: إذا تأمل المتأمل فساد العالم، وما وقع فيه من التفرق والاختلاف، وما دفع إليه أهل الإسلام وجده ناشئاً من جهة التأويلات المختلفة المستعملة في آيات القرآن وأخبار الرسول، التي تعلق بها المختلفون -يعني أهل البدع- على اختلاف أصنافهم، في أصول الدين وفروعه، فإنها أوجبت ما أوجبت من التباين والتحارب وتفرق الكلمة، وتشتت الأهواء وتصدع الشمل وانقطاع الحبل وفساد ذات البين، حتى صار يكفر ويلعن بعضهم بعضاً، وترى طوائف منهم تسفك دماء الآخرين، تستحل منهم أنفسهم وحرمهم وأموالهم، ما هو أعظم مما يرصدهم به أهل دار الحرب -يعني الكافرين- من المنابذين لهم، فالآفات التي جنتها ويجنيها كل وقت أصحابها على الملة والأمة من التأويلات الفاسدة أكثر من أن تحصى، أو يبلغها وصف واصف، أو يحيط بها ذكر ذاكر، ولكنها في جملة القول أصل كل فساد وفتنة، وأساس كل ضلال وبدعة، والمولدة لكل اختلاف وفرقة، والناتجة أسباب كل تباين وعداوة وبغضة، ومن عظيم آفاتها ومصيبة الأمة بها: أن الأهواء المضلة والآراء المهلكة التي تتولد من قبلها لا تزال تنمو وتتزايد على ممر الأيام وتعاقب الأزمنة، وليست الحال في الضلالات التي حدثت من قبل أصول الأديان الفاسدة -يعني كاليهودية والنصرانية-كذلك فإن فساد تلك معلوم عند الأمة، وأصحابها لا يطمعون في إدخالها في دين الإسلام، فلا تطمع أهل الملة اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية ولا الثانوية ونحوهم أن يدخلوا أصول مللهم في الإسلام، ولا يدعوا مسلما إليه ولا يدخلوه إليهم من بابه أبداً، بخلاف فرقة التأويل -يعني أهل البدع- فإنهم يدعون المسلم من باب القرآن والسنة وتعظيمهما، وأن لنصوصهما تأويلاً لا يوجد إلا عند خواص أهل العلم والتحقيق، وأن العامة في عمى عنه، فضرر هذه الفرقة على الإسلام وأهله أعظم من ضرر أعدائه المنابذين له، ومثلهم ومثل أولئك كمثل قوم في حصن، حاربهم عدو لهم فلم يطمع في فتح حصنهم والدخول عليهم، فعمد جماعة من أهل الحصن ففتحوه له وسلطوه على الدخول إليه، فكان مصاب أهل الحصن من قبلهم. ا.هـ من [الصواعق المرسلة (1/350)].

انتهى كلامه – حفظه الله تعالى – من رسالته الماتعة النافعة (شذور ولطائف في آداب الرد على المخالف) وحبذا مطالعتها والاستفادة منها، وهي موجودة على هذا الرابط:

شذور ولطائف في آداب الرد على المخالف

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


Tags: ,

شارك المحتوى: