الطريق إلى الحكم بما أنزل الله ومن السياسة ترك السياسة


لقد توهم بعض الإسلاميين أن إقامة الدولة الإسلامية يمكن أن تتحقق عن طريق الولوج في الانتخابات النيابية ، وممارسة الأعمال السياسية، فخاضوا فيها مع الخائضين، ورجعوا بخفي حنين.إن دعوة بعض المخلصين إلى مجانبة الإسلاميين للعمل السياسي ليس مهادنة للأنظمة والحكومات، بل هو باب السياسة الشرعية ، فإن في هذه المجانبة حرية للجهد الدعوى ، ونجاة من مخالطة أمر يقود مخالطة ولابد إلى محظوران شرعية تزيد كل يوم ولا تنقص ، والأمثلة القريبة في بعض البلدان الإسلامية أكبر دليل على ذلك ، لقد حطم هؤلاء جدر المفاصلة العقدية بين هذا الدين وما سواه ، بل راحوا يخطبون ود رموز ألد أعداء الإسلام!وليت المعجبين بسيد قطب يعتبرون بعيبه على دور بعض الحركات الإسلامية التي تشغل نفسها في أحيان كثيرة بالاستغراق في الحركات السياسية المحدودة المحلية كمحاربة معاهدة، أو اتفاقية ، وكمحاربة حزب ، أو تأليب خصم في الانتخابات عليه ، كما أنها تشغل نفسها بمطالبة الحكومات بتطبيق النظام الإسلامي ، بينما المجتمعات ذاتها بجملتها قد بعدت عن فهم مدلول العقيدة الإسلامية.لابد أن يدركها الإسلاميون أن إقامة الحكم الإسلامي لن يتحقق إلا بالطريق التي أرادها الله ، ولقد علمت الأمة أنه لن يصلح أمرها البتة إلا بما صلح به أولها من أهل القرون الأولى المفضلة.فهذا هو الطريق الآمن ، وهذه بدايته: عودة حميدةٌ إلى ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام من اعتقادات وأحكام وسلوك وغير ذلك.الطريق إلى الحكم بما أنزل اللهإذا كان الشرع الشريف قد أوجب على الجماعة المسلمة الحكم بما أنزل الله ، فإنه كذلك قد أوضح الطريق الموصلة إلى تحقيق الإيضاح ، وأوجب الالتزام بها ، ولم يذر ذلك إلى العقول البشرية القاصرة ، أو الحماسات الجامحة ، لئلا تكون فتن ودماء، ونكبات وأرزاء، فمن المحال أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أمته آداب الخلاء ، وإتيان النساء ، ويدع تعليمها السبل الموصلة إلى تحكيم الشريعة ، مع شدة حاجتها إلى معرفة ذلك!! كيف وقد أخبرها بما سيحصل من أحداث جسيمة، وأمور خطيرة، فقال: ( لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها ، فأولهن نقض الحكم ، وأخرهن الصلاة) ، بل حذر صلى الله عليه وسلم أمته مغبة الحكم بغير ما أنزل الله: ( ومن لم يحكم أئمتهم بكتاب الله إلى ألقى الله بأسهم بينهم ) لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم لأمته كل شيء ، وقد وقع ما أخبر به من فتن عظيمة يرقق بعضها بعضا، فوجب على الأمة أن تستلهم مما جاء به نبيها الطريق إلى التحكيم الشريعة الغراء، وإقامة الملة السمحاء ، فما هي الطريق الإسلامية لإقامة الدولة الإسلامية ؟ وهل يكون ذلك عن طريق المواجهات المسلحة، والانقلابات الطائشة ، أم عن طريق الولوج في الانتخابات النيابية ، وممارسة الأعمال السياسية ، أم ماذا؟


شارك المحتوى: